فالواجب المصير إلى هذا التأويل، لدلالة العقل والنقل عليه، فحاصل معنى الخبر - على ما شرحناه من البيان - أن الله سبحانه وتعالى يغفر لمحبي أهل البيت (عليهم السلام) الذنوب التي لم يصروا عليها، ويتحمل عنهم مظالم غير المؤمنين من سائر الناس، ويمحو من صحائفهم سيئاتهم التي غفرت لهم، ويثبت لهم في مواضعها من تلك الصحائف حسنات.
لا معنى له في الظاهر غير هذا، وهذا المعنى مخالف لما يلهج به جهلة الناس الذين يدعون العلم وهم عنه بمعزل، ويلقونه إلى من هو أجهل منهم من عوام الشيعة من أن محب أهل البيت (عليهم السلام) لا يؤاخذ بشئ من الذنوب، ولا يقتص منه لأحد حتى لمثله، فيذهبون بذلك إلى القول بالرجاء الذي حقيقته الاستخفاف بالذنوب، وعدم المبالاة بها، ويغرون عوام أهل مذهبهم باعتقاده، وهو مذهب قد أبطله القرآن والأحاديث، وشهد بفساده دليل العقل، والخبر المذكور حجة عليهم لا لهم.
هذا ما بلغ إليه فهمي في معنى الخبر المذكور بعد النظر في الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، وأخبار العترة المحمدية، والقواعد الكلامية، وأرجو أني وفقت فيه لسلوك منهج الصواب إن شاء الله تعالى.
حرره أقل العلماء علي بن عبد الله البحراني، في 2 ربيع سنة 1317.
* * *