مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥١ - الصفحة ٤٤٨
محجوبة عني (1).
يا هشام! إياك والكبر على أوليائي والاستطالة بعلمك فيمقتك الله، فلا تنفعك بعد مقته دنياك ولا آخرتك، وكن في الدنيا كساكن دار ليست له، إنما ينتظر الرحيل.
يا هشام! مجالسة أهل الدين شرف الدنيا والآخرة، ومشاورة العاقل الناصح يمن وبركة ورشد وتوفيق من الله، فإذا أشار (2) عليك العاقل الناصح فإياك والخلاف فإن في ذلك العطب (3).
يا هشام! إياك ومخالطة الناس والأنس بهم إلا أن تجد منهم عاقلا ومأمونا فآنس به، واهرب من سائرهم كهربك من السباع الضارية، وينبغي للعاقل إذا عمل عملا أن يستحيي من الله، وإذا تفرد له (4) بالنعم أن يشارك في عمله أحدا غيره، وإذا مر بك (5) أمران لا تدري أيهما خير وأصوب، فانظر أيهما أقرب إلى هواك فخالفه، فإن كثير الصواب في مخالفة هواك، وإياك أن تغلب الحكمة وتضعها في أهل الجهالة (6) (7).

(1) " قلوبهم محجوبة عني " أي قلوبهم مستورة عن كشف سبحات وجهي وجلالي وإشراق أنوار عظمتي وعرفان دلائل ألوهيتي وجمالي، وممنوعة عن حصول العلوم الحقيقية فيها، لحلول محبة زخارف الدنيا فيها وتعلقها بها.
(2) في بعض النسخ: فإذا استشار. تصحيف.
(3) " مجالسة أهل الدين " أهل الدين هم العالمون بشرائع الدين العاملون بها.
" فإن في ذلك العطب " العطب: الهلاك.
(4) في بعض النسخ: إذ تفرد له.
(5) في بعض النسخ: وإذا خر بك، وفي بعضها: وإذا حز بك.
و " خر به أمر " أو " حز به أمر " أي نزل به وأهمه.
(6) في بعض النسخ: وإياك أن تطلب الحكمة وتضعها في الجهال، وفي بحار الأنوار:
وتضعها في الجهالة.
(7) " السباع الضارية " أي المولعة بالافتراس المعتادة له.
" وإذا تفرد له بالنعم أن يشارك في عمله أحدا غيره " أي إذا اختص العاقل بنعمة ينبغي له أن يشارك غيره في هذه النعمة بأن يعطيه منها.
" وإياك أن تغلب الحكمة " لعل فيه حذفا وإيصالا، أي تغلب على الحكمة، أي يأخذها منك قهرا من لا يستحقها، أو تغلب على الحكمة فإنها تأبى عمن لا يستحقها، ويحتمل أن يكون بالفاء والتاء من الإفلات بمعنى الإطلاق، فإنهم يقولون: انفلت مني كلام أي صدر بغير روية.
(٤٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 443 444 445 446 447 448 449 450 451 452 453 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة