مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥١ - الصفحة ٤٥٠
يا هشام! من أحب الدنيا ذهب خوف الآخرة من قلبه، وما أوتي عبد علما فازداد للدنيا حبا إلا ازداد من الله بعدا، وازداد الله عليه غضبا.
يا هشام! إن العاقل اللبيب من ترك ما لا طاقة له به، وأكثر الصواب في خلاف الهوى، ومن طال أمله ساء عمله (1).
يا هشام! لو رأيت مسير الأجل لألهاك (2) عن الأمل.
يا هشام! إياك والطمع، وعليك باليأس مما في أيدي الناس، وأمت الطمع من المخلوقين، فإن الطمع مفتاح للذل (3)، واختلاس العقل (4)، واختلاق (5) المروات، وتدنيس العرض (6)، والذهاب بالعلم، وعليك بالاعتصام بربك والتوكل عليه، وجاهد نفسك لتردها عن هواها، فإنه واجب عليك كجهاد عدوك.
قال هشام: فقلت له: فأي الأعداء أوجبهم مجاهدة؟
قال (عليه السلام): أقربهم إليك، وأعداهم لك، وأضرهم بك، وأعظمهم لك عداوة، وأخفاهم لك شخصا مع دنوه منك، ومن يحرض (7) أعداءك

(1) " العاقل اللبيب " اللب: العقل الخالص من الشوائب، أو ما ذكا من العقل، فكل لب عقل ولا يعكس، واللبيب من كان ذا لب، فكل لبيب عاقل ولا يعكس.
(2) " لألهاك " أي أغفلك.
(3) في بعض النسخ: الذل.
(4) " واختلاس العقل " الاختلاس: الاستلاب.
(5) في بعض النسخ: وإخلاق.
والاختلاق: الافتراء. وأخلاق: الظاهر أنه جمع خلق - بالتحريك -: أي البالي.
(6) " وتدنيس العرض " الدنس: الوسخ، والعرض: النفس والخليقة المحمودة، وأيضا: ما يفتخر [به] الإنسان من حسب وشرف.
(7) في بعض النسخ: ومن يحرض، وفي بعضها: ويحرص من.
" ومن يحرض " أي ومن يحث ويرغب، كما قال تعالى: * (حرض المؤمنين " بمن يترضاه " أي بمن يطلب رضاه.
(٤٥٠)
مفاتيح البحث: الخوف (1)، الأكل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 445 446 447 448 449 450 451 452 453 454 455 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة