مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥١ - الصفحة ٤٥٢
يا هشام! اعرف العقل وجنده، والجهل وجنده، تكن من المهتدين.
قال هشام: فقلت: جعلت فداك، لا نعرف إلا ما عرفتنا.
فقال (عليه السلام): يا هشام! إن الله خلق العقل وهو أول خلق خلقه الله من الروحانيين (1) عن يمين العرش من نوره (2)، فقال له: أدبر، فأدبر.
ثم قال له: أقبل، فأقبل.
فقال الله جل وعز: خلقتك خلقا عظيما وكرمتك على جميع خلقي.
ثم خلق الجهل من البحر الأجاج الظلماني، فقال له: أدبر، فأدبر.
ثم قال له: أقبل، فلم يقبل.
فقال له: استكبرت، فلعنه، ثم جعل للعقل خمسة وسبعين جندا، فلما رأى الجهل ما كرم الله به العقل وما أعطاه أضمر له العداوة.

(١) " وهو أول خلق خلقه الله من الروحانيين " أي هو أول مخلوق من المنسوبين إلى الروح في مدينة بنية الإنسان المتمركزين بأمر الرب والسلطان في مقر الحكومة العقلية، فهو أولها ورأسها، ثم يوجد بعده وبسببه جندا فجندا إلى أن يكمل للإنسان جودة العقل.
قال المجلسي (رحمه الله) في بحار الأنوار ٥٧ / 309: هذا لا يدل على تقدم العقل على جميع الموجودات، بل على خلق الروحانيين، ويمكن أن يكون خلقها متأخر عن خلق الماء والهواء، وأما خبر " أول ما خلق الله العقل " فلم أجده في طرقنا، وإنما هو في طرق العامة، وعلى تقديره يمكن أن يراد به نفس الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لأنه أحد إطلاقات العقل، على أنه يمكن حمل العقل على التقدير في بعض تلك الأخبار، كما هو أحد معانيه، وكذا حديث " أول ما خلق الله القلم " يمكن حمله على الأولية الإضافية بالنسبة إلى جنسه من الملائكة، أو بعض المخلوقات.
(2) " يمين العرش " أي أقوى جانبيه وأشرفهما.
" من نوره " أي من نور ذاته.
أخرج هذه القطعة في عوالم العلوم 2 / 41 ح 6 عن التحف.
(٤٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 447 448 449 450 451 452 453 454 455 457 458 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة