مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٤٩ - الصفحة ١٠٥
وظني أنه عزب عن خاطره ساعة الكتابة مخالفات أم المؤمنين عائشة لأحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ووصاياه، وأعظمها إعلانها ومجاهرتها بنبذ كتاب الله تعالى وراءها ظهريا يوم خرجت لقتال أمير المؤمنين وسيد المسلمين عليه الصلاة والسلام بعسكر البغي الجرار، بعدما أمرت بالقرار - بنص الذكر الحكيم - في بيت النبي المختار (صلى الله عليه وآله وسلم)، راكبة ذلك الجمل الأدبب، وقد نبحتها كلاب الحوأب، فقتل ببغيها خلائق من المسلمين لا يحصون.
ودع عنك تحريضها على خلع عثمان، وتأليبها على قتل ابن عفان لما كانت تنادي: اقتلوا نعثلا، قتل الله نعثلا (1)، وسرورها بقتل خير خلق الله تعالى بعد نبيه المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي حبه علامة الإيمان، وبغضه علامة النفاق - كما ثبت في الصحيح - وقولها - لما انتهى إليها ذلك -:
فألقت عصاها واستقر بها النوى * كما قر عينا بالإياب المسافر وقولها - لما سألت عن قاتله، فقيل: رجل من مراد -:
فأن يك نائيا فلقد نعاه * غلام ليس في فيه التراب (2) فهل كان ذلك - وأضعاف مضاعفة مما صدر عنها - موافقا لما سمعته وروته عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟!
نبؤونا يا أولي الألباب!!
ولها مع أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام شؤون لا يحتمل هذا

(١) راجع: شرح نهج البلاغة - لابن أبي الحديد - ٦ / ٢١٥، و ٢٠ / ١٧ و ٢٢، وتاريخ الطبري ٣ / ٤٧٧، والنهاية - لابن الأثير - ٥ / ٨٠، وتاج العروس ٨ / ١٤١، والكامل في التاريخ ٣ / ٢٦٠.
(٢) تاريخ الطبري ٤ / ١١٥، طبقات الصحابة ٣ القسم الأول ص ٢٧، ومقاتل الطالبيين: ٢٦.
(١٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 ... » »»
الفهرست