مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٤٧ - الصفحة ٢١٠
وقد جرى بعض الصحابة على تحشية مصاحفهم بأحاديث الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) خصوصا فيما يتصل من الأحاديث بالناسخ والمنسوخ، والمحكم والمتشابه، ونحو ذلك، كمصحف ابن عباس، ومصحف ابن مسعود، ومصحف أبي بن كعب، بل الثابت عند كثير من الأعلام، أن مصحف أمير المؤمنين (عليه السلام) كان مليئا بالأحاديث الشريفة التي دونها (عليه السلام) بيده الشريفة على حواشي مصحفه.
وأما لو أريد به التدوين المستقل استقلالا تاما عن صحائف القرآن، بحيث يكتب في صحائف أخرى ثم يعطى لها عنوان جامع مثل: " أحاديث الرسول " أو " السنن " ونحو هذا... فإن بعد اختلاطها بالقرآن مسلم لا ريب فيه، وهل سمعت أو رأيت أحدا يقول بضرورة حرق كتب الحديث مثلا إذ يخشى منها أن تختلط بالقرآن؟!
ثم أين ذهب الإعجاز القرآني الخالد الذي أبهر المشركين وحير عقولهم، لما سمعوا بعض آياته؟!
وهل يعقل أن لا يميز كتاب الله العزيز عن كلام المخلوق وإن كان نبيا كنبينا (صلى الله عليه وآله وسلم)؟!
إن بلاغة الحديث وإن بلغت الذروة، إلا أنها دون بلاغة القرآن الكريم بلا ريب، ولا معنى لدعوى الاختلاط تلك إلا المساس بمعجزة الإسلام الخالدة، بعد إنزال كلام الخالق منزلة كلام المخلوق! وبالتالي ليكون قابلا للتحدي المنفي بالأصل في مواطن كثيرة من الذكر الحكيم.
المبرر الثاني ومناقشته:
إن المنع عن كتابة الحديث جاء للتحرز من إهمال المسلمين للقرآن
(٢١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 ... » »»
الفهرست