مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٤٧ - الصفحة ٢١٢
المبرر الثالث ومناقشته:
إن المنع عن تدوين الحديث جاء للحفاظ على ملكة الحفظ عند الصحابة، لأن تدوين الحديث الشريف يؤدي إلى ضعف الحافظة عندهم.
وفيه:
1 - إن ملكة الحفظ ليست شرعا منزلا يجب على الخليفة صيانته مقابل التفريط بالسنة المطهرة، والعكس هو الصحيح.
2 - إن بقاء ملكة الحفظ قوية لدى الحفاظ غير مسلم، فهي تضعف تدريجيا مع تقدم العمر، وبالتالي يفقد الحافظ الكثير من محفوظاته، فلو كان إلى جنب حفظه ديوان للحديث الشريف لاستعان به عند ضعف الحافظة، ولوقف على ما نساه، فالتدوين إذن يقوي الحافظة ولا يضعفها، وقد جاء في الخبر: " إن القلب يتكل على الكتابة " (1).
3 - ليس كل الصحابة من الحفاظ كما مر في أحاديث إباحة التدوين.
وإذا كان الحافظ في غنى عن النظر إلى الكتاب، فماذا يصنع غير الحافظ الذي لا يجد من يسأله، وهو مكلف بأمور عليه معرفتها؟!
4 - إن صيانة أي علم من العلوم والاحتفاظ به وتقديمه للأجيال كما هو عليه من أدنى اختلاف أو زيادة - ولو في المعنى - لا يكون إلا عن طريق الكتابة، ولو كان الحفظ مقدما على الكتابة في ذلك، لاستعيض بالحفظ عن التدوين بالنسبة إلى القرآن الكريم، بينما نجد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد

(١) الكافي ١ / 42 ح 8.
(٢١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 ... » »»
الفهرست