مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٤١ - الصفحة ١٤٩
أحاديث صحيحة ميزت قريشا بمنزلة ليست لغيرها، كحديث: " إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشا من كنانة... " الحديث (108).
وذهب آخرون إلى تبرير آخر، فاحتجوا بالحديث: " مولى القوم منهم، ومن أنفسهم، وابن أخت القوم منهم " فاعتمدوا نصا جديدا في توسيع دائرة النص الأول، بدلا من اللجوء إلى التأويل والاجتهاد في مقابلة النص.
لكن هذا أيضا لم يقع موقع الرضا لدى الجمهور، إذ هو مخالف للإجماع.. قال ابن حزم: إن الإجماع قد تيقن وصح على أن حكم الحليف والمولى وابن الأخت كحكم من ليس له حليف ولا مولى ولا ابن أخت. فإذا صح البرهان بأن لا تكون - الخلافة - إلا في قريش، لا في من ليس قرشيا، صح بالإجماع أن حليف قريش ومولاهم وابن أختهم كحكم من ليس قرشيا (109).
هذا كله عن سالم مولى أبي حذيفة، ولكن ليس ثم جواب عن اختيار معاذ، وهو من الأنصار الذين أغار عليهم القرشيون الثلاثة في السقيفة، وفيهم عمر، واحتجوا عليهم بأن الأئمة من قريش، وهيهات أن ترضى العرب بغير قريش! هذا الكلام قاله عمر في خطابه للأنصار في السقيفة، ثم واصل خطابه قائلا: " ولنا بذلك الحجة الظاهرة، من نازعنا سلطان محمد ونحن أولياؤه وعشيرته، إلا مدل بباطل، أو متجانف لإثم، أو متورط في هلكة؟! " (110).
إن تعدد هذه المواقف المختلفة أضفى كثيرا من الغموض على عقيدة عمر في الخلافة، مما يزيد في إرباك نظرية الخلافة والإمامة إذا ما أرادت أن تساير جميع المواقف، من هنا اضطروا إلى الضرب على اختلافات عمر حفاظا على صورة أكثر تماسكا لهذه النظرية، كل ذلك لأجل تثبيت هذا المبدأ القائم

(١٠٨) صحيح مسلم - كتاب الفضائل ح ١.
(١٠٩) الفصل ٤ / ٨٩ - ٩٠.
(١١٠) راجع: الكامل في التاريخ ٢ / 329 - 330، الإمامة والسياسة: 12 - 16.
(١٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 ... » »»
الفهرست