مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٤١ - الصفحة ١٣٨
خان الله ورسوله وجميع المسلمين " (79).
وطعنها أيضا في قوله: ما أفسد على هذه الأمة أمرها وأضاع عليها ملكها إلا جعل طاعة هؤلاء الجبارين الباغين واجبة شرعا على الإطلاق، وجعل التغلب أمرا شرعيا كمبايعة أهل الحل والعقد للإمام الحق، وجعل عهد كل متغلب باغ إلى ولده أو غيره من عصبته حقا شرعيا وأصلا مرعيا لذاته! (80).
وهذه حقيقة تاريخية، وليست دعوى مجازف أو متهاون.
صور ثلاثة:
صور نقف عندها يسيرا بعد هذا الشوط المضني، لنواصل بعدها المشوار..
الصورة الأولى: لماذا أسقط مذهب أبي حنيفة؟!
حين نقل أبو زهرة كلمات بعض الأئمة في وجوب إطاعة الخليفة الفاسق والجاهل والجائر، قال: هذا هو المنقول عن أئمة أهل السنة، مالك، والشافعي، وأحمد (81).
فأسقط ذكر أبي حنيفة، وهكذا فعل سائر المتكلمين في هذه المسألة، وكأن أبا حنيفة ليس من أئمة أهل السنة!
وعلة ذلك أن أبا حنيفة كان على خلاف هذه العقيدة، فهو لا يرى صحة الخلافة للمتغلب الفاقد للشرائط، بل كان يسميهم: " اللصوص "!
وكان يحرم إطاعتهم حتى في المعروف، فكان يقول: " لو أرادوا بناء مسجد، وأرادوني على عد آجره، لما فعلت "!

(79) تفسير المنار 5 / 215 - 216 باختصار.
(80) الخلافة: 51، عنه: نظرية الحكم والإدارة في الإسلام: 126 (81) المذاهب الإسلامية: 155، وقد تقدم آنفا.
(١٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 ... » »»
الفهرست