أنه قال: " الأئمة من القريش ".
وقال: " قدموا قريشا ولا تتقدموها ". وليس مع هذا النص المسلم شبهة لمنازع، ولا قول لمخالف (94).
واشترطوا لهذا القرشي أن يكون قرشيا من الصميم، من بني النضر بن كنانة، تصديقا للنص (95).
وقال الإمام أحمد: " لا يكون من غير قريش خليفة " (96).
واستدلوا على تواتر هذا النص بتراجع الأنصار وتسليمهم الخلافة للمهاجرين القرشيين حين احتجوا عليهم بهذا النص في السقيفة (97).
وقال ابن خلدون: بقي الجمهور على القول باشتراطها - أي القريشية - وصحة الخلافة للقرشي ولو كان عاجزا عن القيام بأمور المسلمين (98).
وهكذا ثبت النص الشرعي، وثبت تواتره، وثبت الإجماع عليه.
وحين تراجع بعضهم عن الالتزام بهذا النص - كأبي بكر الباقلاني - فسر ابن خلدون سر تراجعه، ورد عليه، فقال: لما ضعف أمر قريش، وتلاشت عصبيتهم بما نالهم من الترف والنعيم، وبما أنفقتهم الدولة في سائر أقطار الأرض، عجزوا بذلك عن أمر الخلافة وتغلبت عليهم الأعاجم، فاشتبه ذلك على كثير من المحققين حتى ذهبوا إلى نفي اشتراط القرشية، وعولوا على ظواهر في ذلك مثل قوله صلى الله عليه وآله وسلم: " اسمعوا وأطيعوا وإن ولي عليكم عبد حبشي " (99).