مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٣٨ - الصفحة ٩١
فصل ومن أقوى الأسباب الموجبة للإعراض عن هاتيك الأخبار وردها، أنها توجب صدق قول الكفرة بأنه صلى الله عليه وآله وسلم مسحور، وقد قال الله تعالى: ﴿وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا * أنظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا﴾ (75).
وزعم قوم ممن أثبت تأثير السحر فيه صلى الله عليه وآله وسلم: أن الآية لا دلالة فيها على ذلك، لأن المراد بها - والله أعلم - أنه صلى الله عليه وآله وسلم مجنون بواسطة السحر - كما قاله البيضاوي وغيره (76) -.
وقال الفخر الرازي في تفسيره (77): إن الكفار كانوا يريدون بكونه (مسحورا) أنه مجنون أزيل عقله بواسطة السحر فلذلك ترك دينهم. انتهى.
وفي تفسير الجلالين 1 / 141: (مسحورا) مخدوعا مغلوبا على عقله.
وأنت - يرحمك الله - إذا تأملت الآية الشريفة ونظيرتها في سورة الإسراء، وأنعمت فيهما نظر التحقيق، لعرفت أنهم ملزمون بما قالوا، ومسلمون الحجة لخصمهم من غير أن يشعروا، كيف لا؟! وكل مقر بأن المسحور من أصابه السحر فأثر فيه سواء في عقله أو سائر حواسه وجوارحه.
وظاهر أن المجنون الذي جن بغير السحر لا يقال له: مسحور، بل يقال له: مجنون، كما قالوه في حقه صلى الله عليه وآله وسلم، وحكاه الله تعالى

(٧٥) سورة الفرقان ٢٥: 8 - 9.
(76) أنوار التنزيل 1 / 587.
(77) التفسير الكبير (مفاتح الغيب) 32 / 188.
(٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 ... » »»
الفهرست