فصل ويقدح فيما تضمنته تلك الأحاديث من أن قصة السحر كانت بالمدينة، وأن المعوذتين أنزلتا لتعويذه صلى الله عليه وآله وسلم بهما، ما ذهب إليه بعض أهل العلم من كون المعوذتين مكيتين أو خصوص سورة الفلق - على الخلاف -.
فقد أخرج البيهقي في (دلائل النبوة) (68) بإسناده عن عكرمة والحسن بن أبي الحسن، قالا: أنزل الله من القرآن بمكة (إقرأ باسم ربك) - وساق الأثر إلى قولهما: - والفلق، وقل أعوذ برب الناس... إلى آخره.
وأخرج ابن الضريس في (فضائل القرآن) (69) بسنده عن عثمان بن عطاء الخراساني، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: كانت إذا أنزلت فاتحة الكتاب بمكة كتبت بمكة، ثم يزيد الله فيها ما شاء، وكان أول ما أنزل من القرآن (إقرأ باسم ربك) إلى أن قال: - ثم (قل أعوذ برب الفلق) ثم (قل أعوذ برب الناس) - وعد سورا أخرى وقال: - فهذا ما أنزل الله بمكة.
وقال أبو عبيد في (فضائل القرآن) (70): حدثنا عبد الله بن صالح ومعاوية ابن صالح، عن علي بن أبي طلحة، قال: نزلت بالمدينة سورة البقرة وآل عمران - وذكر سورا ليست المعوذات منها - ثم قال: وسائر ذلك بمكة.
وأخرج أبو بكر بن الأنباري نحوه عن قتادة - كما في الاتقان (71) -.
وحكى أبو عبد الله محمد بن حزم في كتاب (معرفة الناسخ