نزل بالمعوذتين، فكلما قرئت آية انحلت عقدة حتى قام النبي صلى الله عليه وآله وسلم كأنما أنشط من عقال، وهو يدل بظاهره على عدم إتيانه عليه وآله الصلاة والسلام البئر، إذ لو أتاها في جماعة من أصحابه لكان مظنة لثوران الشر على الناس ووقوع الفتنة بين المسلمين واليهود، لا أن ذلك لأجل أن لا يطلعوا على ما سحر به صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله فيتعلمه من أراد استعمال السحر.
كيف وقد ثبت في بعض الأحاديث أن السحر حلت عقده ونقض بمحضره الشريف؟! وفي بعضها إشعار باستكشاف ما كان داخل الجف وأنه وجد في الطلعة تمثال من شمع، تمثال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإذا فيه إبر مغروزة، وإذا وتر فيه إحدى عشرة عقدة (36).
هذا، وما في (فتح الباري) (37) من أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وجههم أولا إلى البئر ثم توجه فشاهدها بنفسه، مدفوع بأن الثابت في أحاديث الباب أن عقد السحر انحلت بقراءة المعوذتين بعد ما أتوا به إليه صلى الله عليه وآله وسلم - كما تقدم - فلم يبق في البئر شئ من السحر حتى يتوجه عليه وآله الصلاة والسلام لمشاهدته، فتنبه.
وأيضا: إن قول عائشة (أفلا استخرجته) وجوابه صلى الله عليه وآله وسلم إياها بحصول المعافاة يعارضه ما وقع في حديثها الآخر من استخراجه، وكذا ما رووه في حديث ابن عباس (38) من أنه صلى الله عليه وآله وسلم بعث إلى علي وآخر فأمرهما أن يأتيا البئر.
وفي مرسل عمر بن الحكم - عند ابن سعد -: فدعا جبير بن إياس الزرقي فدله على موضع في بئر ذروان فاستخرجه.