دليل أكثر من نهج البلاغة، ذلك الكتاب الذي أقامه الله حجة واضحة على أن عليا رضي الله عنه قد كان أحسن مثال حي لنور القرآن وحكمته وعلمه وهدايته وإعجازه وفصاحته.
اجتمع لعلي عليه السلام في هذا الكتاب ما لم يجتمع لكبار الحكماء وأفذاذ الفلاسفة ونوابغ الربانيين، من آيات الحكمة السامية وقواعد السياسة المستقيمة، ومن كل مواعظة باهرة وحجة بالغة تشهد له بالفعل وحسن الأثر.
خاض علي في هذا الكتاب لجة العلم والسياسة والدين، فكان في كل هذه المسائل نابغة مبرزا، ولئن سألت عن مكان كتابه من الأدب بعد أن عرفت مكانه من العلم، فليس في وسع الكاتب المسترسل والخطيب المصقع والشاعر المفلق أن يبلغ الغاية في وصفه والنهاية من تقريظه، وحسبنا أن نقول: إنه الملتقى الفذ الذي التقى فيه جمال الحضارة وجزالة البداوة، والمنزل الفرد الذي اختارته الحقيقة لنفسها منزلا تطمئن فيه وتأوي إليه بعد أن زلت بها المنازل في كل لغة (18)...
(12) وقال الأستاذ محمد الزهري الغمراوي المصري، في مقدمته لطبعة نهج البلاغة بشرح الشيخ محمد عبده ومحمد حسن نائل المرصفي، طبعة دار الكتب المصرية سنة 1328 ه، وطبعة المطبعة الميمنية بالقاهرة تحت عنوان:
" كتاب الفصحاء ":
ولم ينقل عن أحد من أهل هذه الطبقات ما نقل عن أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب كرم الله وجهه، فقد اشتملت مقالاته على المواعظ الزهدية،