ويعكر عليه أن السباطة هي المزبلة، و " الكثيب قطعة من الرمل مستطيلة تشبه الربوة من التراب، وبينهما فرق بين.
هذا، مع أن صريح هذا الأثر أنه صلى الله عليه وآله وسلم بال في ذلك الكثيب لاستحسانه إياه وإعجابه به، وهذا مما لا يتعلق به غرض صحيح ولا حكمة تعقل، ولذا حمل بعضهم بوله صلى الله عليه وآله وسلم - على السباطة قائما - على الضرورة والحاجة الملجئة إلى ذلك.
وأيضا فإن صريح هذا الأثر يدل على أنه صلى الله عليه وآله وسلم ما بال قائما إلا مرة، وسائر أحاديث الباب ترده، لأنها ظاهرة في تكرر وقوع ذلك منه صلى الله عليه وآله وسلم، مع أنه خلاف هديه عليه وآله الصلاة والسلام.
ويشهد لذلك ما تقدم من حديث السباطة عن حذيفة بن اليمان ومغيرة ابن شعبة (92)، وغيره مما فيه التصريح ببوله صلى الله عليه وآله وسلم قائما، كحديث سهل بن سعد الساعدي - عند الطبراني في الأوسط (93) - أنه رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يبول قائما.
والتحقيق: أنه لا يخلو إما أن يكون النبي صلى الله عليه وآله وسلم بال قائما ومعه حذيفة حسب - كما هو ظاهر حديث الصحيحين وغيرهما - أولا، كما يظهر من حديث عصمة بن مالك - الذي رواه الطبراني (94) - قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بعض سكك المدينة فانتهى إلى سباطة قوم فقال: يا حذيفة استرني... (الحديث).
فإن كان الأول، فإنه يلزم منه تكذيب حديث مغيرة بن شعبة وغيره ممن