مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٣٢ - الصفحة ٥٦
وذكر: إنه اقتصر على الجانب الفكري الذي صبغ بصبغة دينية، وكون جانبا من معتقدات الناس يحيطونه بهالة من الاجلال والقداسة، وأثر في حياتهم أبلغ الأثر.
ثم نقل عن أحمد بن حنبل وابن الجوزي قولهم بعدم الاعتماد على أخبار الملاحم، وما أخبر عن أمر مستقبل.
وطبق كل أفكاره في هذا على " المهدي المنتظر " باعتباره من أخبار الملاحم، ومن أمور المستقبل، وبما وجده - حسب عقله الوحيد - من مخالفات في أخبار المهدي!
وأسهب في إيراد الأمثلة ومناقشتها.
ولا نريد أن ندخل معه في نقاش الجزئيات، ولكن نذكر بأمور كلية فقط:
1 - إن الكاتب بدأ بحثه وكأنه مستقل بالتفكير ومجتهد في النقد، ولكنه يلجأ هنا وهناك، إلى تقليد هذا أو ذاك، في إبطال أخبار الملاحم والمستقبليات، ويبطل على أساس ذلك كل أحاديث هذا الباب بجرة قلم.
وهذا عين التأرجح بين الاجتهاد والتقليد في نقد الحديث الذي ذكرنا به في بداية مقالنا هذا.
2 - إن مصب نقده العقلي لأحاديث المهدي إنما هو ذكر التفاصيل، دون أصل الفكرة، كما تدل عليه جميع الأمثلة التي ناقشها.
وقد عرفت في مقطع سابق أن هناك فرقا واسعا بين الأصل، والتفاصيل، في أحاديث المهدي.
3 - وقد ذكرنا أيضا بأن العقل إنما يدرك أحكاما وقضايا عامة وكلية، ولا دخل له في الأمور والحوادث الخاصة.
وقضية المهدي، الموعود، ليست إلا أمرا شخصيا وغيبيا مستقبلا، فلا مجال لدرك العقل له، لا إثباتا ولا نفيا.
فإقحام العقل وحكمه في أمره، من قلة المعرفة بالشؤون العقلية ومدى
(٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 ... » »»
الفهرست