مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٣٢ - الصفحة ٥٤
النفوس على الاهتمام بهما، والاعتماد عليهما في الحياة، بل إن مبنى الناس في إقدامهم أو إحجامهم، على الأماني والآمال بما يبشرهم، أو على أساس الخوف والفزع مما ينذرهم.
لهذا، فإن " الانتظار " يكون لعامل الخير أمنية يرجوها ويأملها، فيستمر على عمل الخير.
ويكون لعامل الشر خوفا كامنا يتبعه، ووحشة تلاحقه، فتردعه عن شره، وتكفه عن اتباع سريرته الشريرة السيئة!
والأمر الخامس: إشارة إلى سنة الحياة، في التنازع على البقاء، وأن تبقى بعض الأمور مجهولة، كي تستمر عجلة الحياة في السير، ولا تخمد جمرة الوجود عن الإثارة، ولكي يبقى للإنسان الخيار في أن يختار الأفضل.
ولو كانت الحقائق - كلها - واضحة مكشوفة، لما كان في اختيار الحق ميزة للمحقين، ولم يكن ابتعاد الإنسان عن الشر مدعاة للفرح والسرور.
كما إن في ذلك إتماما للحجة على المعاندين، ممن اختاروا طريق الفساد، والظلم، والشر، بينما الأخيار إلى جنبهم - أيضا - يعيشون في هذه الحياة!
ولكن * (لولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله) * (26).
إن " إيجابيات الانتظار " هذه التي طرحها القمي في القرن الرابع الهجري، هي مستلهمة من واقع الحياة، وسنة الله في خلقه، وهي منطبقة على كل حالات " الانتظار " التي كانت من قبل، ومن بعد، إلى عصرنا الحاضر.
وها هم المظلومون في كل بقعة من الأرض، والمؤمنون في الأرض الإسلامية، تنطلق جموعهم المصدقة بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وأخباره

(٢٦) الإمامة والتبصرة من الحيرة، بتحقيقنا، المقدمة، ص 112 - 114.
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»
الفهرست