وقد وفقني الله للعثور على ذلك الكتاب وتحقيقه منذ سنوات، وقد شرحت هذه القطعة من كلامه بما يناسب إيراده هنا، فقلت:
هذه خمس علل ذكرها المؤلف " للغيبة " وهي أسرار " الانتظار " يمكننا أن نقف لشرحها على صفحات كثيرة، لكننا نشير في هذا المجال إلى مختصر من القول:
الأمر الأول: أشار به إلى " الأمل " الذي تبعثه الغيبة في نفوس المستضعفين، وأن " الانتظار " لا يزرع في قلوبهم القسوة، والخمود، واليأس، بل: يخلق في نفوسهم: النشاط، والوثبة، والبأس.
لأنهم بالإيمان بالغيبة لا يجهلون المصير، كما يتخيل المبطلون، بل هم على موعد إلهي، واثقون من التحرر بقيادة حكيمة مدعومة بالنصر الإلهي.
والأمر الثاني: يشير به إلى حساب الطواغيت المسيطرين على رقاب الناس، فإن الغيبة تبعث في أعماقهم رعبا لا يهدأ، لأنهم لا يعلمون متى يأتي وعد الله بعذابهم؟ " فإنه آتيهم من حيث لا يشعرون ".
إن جهلهم بالمصير، يربكهم، ويجعلهم في ريب مما يقومون به من الظلم والفحش، لأنهم: * (يحسبون كل صيحة عليهم) *.
والأمر الثالث: - وهو أهم الأمور -: أن الغيبة تجعل الإنسان المؤمن، العامل في سبيل الله، في حالة الانذار القصوى، دائما، وعلى استعداد تام، لكي يقوم بدوره في كل حين.
يعد الأيام، بل الساعات، ليحين الحين، لكي ينطلق نحو الهدف.
إنه لا بد أن يهيئ حاله بكامل العدة من الصلاح، والسلاح.
إن " الانتظار " على هذا يعني عملية استنفار مستمرة لجند حزب الله، العاملين.
فما أعظم ذلك من حكمة!
والأمر الرابع: أن الوعد والوعيد، والتبشير والإنذار، لمما اعتادت