مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٢١ - الصفحة ٤٠
الفصل الثالث في تحديد يوم الغدير تمهيد:
لا إشكال في أن الغدير كان في الثامن عشر من ذي الحجة سنة عشر من الهجرة المباركة (72)، وإنما الإشكال في أنه في أي يوم من أيام الأسبوع كان؟
وقبل أن نشرع في صلب البحث لا بد من تمهيد مقدمة، وهي أن تحديد الوقائع التاريخية، خصوصا التي تكون ذات أهمية يؤثر كثيرا في تقييم الأخبار وتحقيق صحة الروايات الواردة بشأن الحوادث التأريخية " فمثلا يمكن ادعاء وقوع واقعة في تاريخ معين والمعلوم عدم إقامة الجمعة، فإذا أثبتنا أن ذاك اليوم كان يوم الجمعة ولا وجه في عدم إقامة الجمعة فيه أنتج ذلك عدم وقوع تلك الواقعة في ذاك اليوم.
وربما يؤثر هذا البحث في الأبحاث الفقهية أيضا، فمثلا لو أثبت أن يوم عرفة في حجة الوداع كان يوم الجمعة، والمعلوم عدم إقامة النبي صلى الله عليه وآله وسلم لصلاة الجمعة فيها، فيمكن حينئذ أن يكون ذلك لاشتراط الحضر في صحة إقامة الجمعة، فيؤثر بحثنا في ذاك البحث الفقهي.
ولهذا كله عقدنا هذا الفصل لتحديد يوم الغدير، وخصوص هذا البحث يؤثر في تحديد وقائع أخرى: كيوم وفاة النبي، ويوم خروجه لحجة الوداع صلى الله عليه وآله وسلم. وسيتضح هذا كله من خلال البحث، والغرض من ذكر هذا التمهيد بيان

(٧٢) لكن في رواية عن أبي إسحاق، عن أبي جعفر عليه السلام - بعد ذكر واقعة الغدير - قال ابن إسحاق: قلت لأبي جعفر عليه السلام: ما كان ذلك؟ قال: سبع عشرة ليلة خلت من ذي الحجة سنة عشرة عند منصرفه من حجة الوداع، وكان بين ذلك وبين وفاة النبي مائة يوم. تفسير البرهان ١ / 436.
وهذه الرواية شاذة من جهتين، من جهة تعيين يوم الغدير، ومن جهة تعيين يوم وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما سيأتي، فلا ينبغي الاعتداد بها، ويحتمل أن يكون منشأ الخطأ من جهة تكرر نزول آية التبليغ، كما مر في الفصل السابق.
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»
الفهرست