مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٢١ - الصفحة ٢٨١
ولد - رحمه الله - في تبريز في أسرة علمية، ونشأ نشأة صالحة، واتجه إلى طلب العلم، ودرس عند أساتذتها المرموقين، ثم غادرها إلى النجف الأشرف لإنهاء دروسه العالية فحضر على أكابر أعلامها البارزين، ونهل من علومهم وارتوى، ثم اتجه إلى التأليف بهمة قعساء تزيل الجبال الراسيات، ولم يكن يومذاك في النجف الأشرف مكتبات عامة سوى مكتبة كانت في حسينية الشوشترية وأخرى هي مكتبة كاشف الغطاء - رحمه الله - وفي كل منهما عدة آلاف لمخطوط ومطبوع، فكان يتردد إليهما ويستنزف أوقات دوام المكتبة في مطالعة الكتب والانتفاء منها، ويكتب ما يختار من غضونها ما عسى يحتاج إليه، ولكن دوام المكتبة المحدود بضع ساعات لا تفي بهمته ولا تشبع نهمته، فحدثني - رحمه الله - قال: " إني عزمت على قراءة كتب مكتبة الحسينية كلها فاتفقت مع أمينها أن يسمح لي بالبقاء فيها ويغلق على الباب! فأجاب " كما وحدثني أمين المكتبة - رحمه الله - بذلك، قال: " فأتيت على الكتب كلها! ".
كما وحدثني المغفور له آية الله الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء رحمه الله، قال: " إن الأميني لم يبق في مكتبتنا كتابا من كتبها سالما لكثرة مراجعته لها وتقليبه فيها ".
ثم لنرى هل ارتوى واكتفى؟ الجواب: لا، بل كان يراجع المكتبات الخاصة في بيوت العلماء، والنجف الأشرف كانت يومئذ غنية بالمكتبات الخاصة، ومع ذلك كله الله وحده يعلم ماذا كان يعاني شيخنا الأميني في السعي وراء كتاب واحد حتى يفوز بأمنيته.
وبمثل هذه المثابرة والعمل الدؤوب، وإجهاد النفس في اليوم 18 ساعة بين
(٢٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 ... » »»
الفهرست