أي قولي أو فعل يصدر من جهته صلى الله عليه وآله وسلم، وسيكون الدافع لديهم قويا لينقلوا للناس مشاهداتهم، وذكرياتهم في سفرهم الفريد ذاك. كما أن الناس الذين يعيشون في مناطق بعيدة عنه صلى الله عليه وآله وسلم، ويشتاقون إليه، لسوف يلذ لهم سماع تلك الأخبار، وتتبعها، بشغف، وبدقة، وبانتباه زائد: ليعرفوا كل ما صدر من نبيهم، من: قو ل، وفعل، وتوجيه، وسلوك، وأمر، ونهي، وتحذير، وترغيب، وما إلى ذ لك.
4 - الذكريات الغالية:
وكل من رافق النبي صلى الله عليه وآله وسلم في هذا السفر العبادي، لسوف يحتفظ في ذاكرته بذكريات عزيزة وغالية على قلبه، تبقى حية غضة في روحه وفي وجدانه، على مدى الأيام والشهور والأعوام والدهور ما دام أن هذه هي آخر مرة يرى فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أعظم، وأكرم، وأغلى رجل وجد، ويوجد على وجه الأرض.
وحين تتخذ العلاقة بالحدث بعدا عاطفيا، يلامس مشاعر الإنسان، وأحاسيسه، فإنها تصبح أكثر رسوخا وحيوية، وأبعد أثرا في مجال الالتزام والموقف.
5 - الناس أمام مسؤولياتهم:
وبعد أن عرفنا أنه صلى الله عليه وآله وسلم قد اختار الزمان، ليكون يوم العبادة والانقطاع إلى الله سبحانه - يوم عرفة - والمكان، وهو نفس جبل عرفات، ثم اختار الخصوصيات والحالات ذات الطابع الخامل، ككونها آخر حجة للناس معه، حيث قد أخبر الناس: أن الأجل قد أصبح قريبا.
ثم اختار أسلوب الخطاب الجماهيري، لا خطاب الأفراد والأشخاص، كما هو الحال في المناسبات العادية، - إذا عرفنا ذلك، وسواه - فإنه يصبح واضحا: أنه صلى الله عليه وآله وسلم قد أراد أن يضع الأمة أمام مسؤولياتها، ليفهمها: أن تنفيذ هذا