والإمامة. وهم أصحابه الذين رباهم على الورع والتقوى، وقد مدحهم الله عز وجل في كتابه العزيز، وذكر فضلهم، وهم الذين ضحوا في سبيل هذا الدين، وجاهدوا فيه بأموالهم وأنفسهم...
ونقول:
إن ما ذكر حول الصحابة أمر مبالغ فيه. وذلك لأن الصحابة الذين حجوا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبيل وفاته، وإن كانوا يعدون بعشرات الألوف، ولكن لم يكن هؤلاء جميعا من سكان المدينة، ولا عاشوا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم فترات طويلة، تسمح له بتربيتهم وتزكيتهم وتعليمهم وتعريفهم على أحكام الإسلام، ومفاهيمه.
بل كان أكثرهم من بلاد أخرى بعيدة عن المدينة أو قريبة منها، وقد فازوا برؤية النبي صلى الله عليه وآله وسلم هذه المرة، وقد يكون بعضهم قد رآه قبلها أو بعدها بصورة عابرة أيضا وقد لا يكون رآه.
وقد تفرق هؤلاء بعد واقعة الغدير مباشرة، وذهب كل منهم إلى أهله وبلاده.
ولعل معظمهم - بل ذلك هو المؤكد - قد أسلم بعد فتح مكة، وفي عام الوفود - سنة تسع من الهجرة -، فلم يعرف من الإسلام إلا اسمه، ومن الدين إلا رسمه مما هو في حدود بعض الطقوس الظاهرية والقليلة...
ولم يبق مع رسول الله بعد حادثة الغدير، إلا أقل القليل من الناس ممن كان يسكن المدينة، وقد يكونون ألفين أو أكثر، وربما دون ذلك أيضا.
وقد كان فيهم العديد من الخدم والعبيد، والأتباع، بالإضافة إلى المنافقين والذين مردوا على النفاق ممن أخبر الله عن وجودهم، وأنهم كانوا من أهل المدينة، ومن البلاد المجاورة لها.
ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعلمهم بصورة تفصيلية، وكان الله سبحانه هو الذي يعلمهم.
هذا إلى جانب فئات من الناس، من أهل المدينة نفسها، كانوا لا يملكون