وبأسلوب يستطيع الناس جميعا على اختلاف مستوياتهم وحالاتهم ودرجاتهم في الفكر، وفي الوعي، وفي السن، وفي الموقع، وفي غير ذلك من أمور أن يدركوه ويفهموه.. فقد رأى الجميع: أن هؤلاء الذين يدعون: أنهم يوقرون الرسول، ويتبركون بفضل وضوئه، وببصاقه، وحتى بنخامته، وأنهم يعملون بالتوجيهات الإلهية التي تقول:
لا تقدموا بين يدي الله ورسوله (89).
لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي، ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض (90).
ما آتاكم الرسول فخذوه، وما نهاكم عنه فانتهوا (91).
أطيعوا الله وأطيعوا الرسول (92).
وغير ذلك من آيات تنظم تعاملهم، وتضع الحدود، وترسم معالم السلوك معه صلى الله عليه وآله وسلم، مما يكون الفسق والخروج عن الدين، في تجاهله، وفي تعديه.
هذا إلى جانب اعترافهم بما له صلى الله عليه وآله وسلم من فضل عليهم وأياد لديهم، فإنه هو الذي أخرجهم - بفضل الله - من الظلمات إلى النور، ومن الضلال إلى الهدى، وأبدالهم الذل بالعز، والشقاء بالسعادة، والنار بالجنان.
مع أنهم يدعون: أنهم قد جاؤوا في هذا الزمان الشريف، إلى هذه المكان المقدس - عرفات - لعبادة الله سبحانه وطلب رضاه، منيبين إليه سبحانه، ليس لمم في حطام الدنيا، وزخارفها، مطلب ولا مأرب.
ولكن مع ذلك كله.. فقد رأى الجميع بأم أعينهم: كيف أن حركة بسيطة منه صلى الله عليه وآله وسلم قد أظهرتهم على حقيقتهم، وكشفت خفي مكرهم، وخادع زيفهم، ورأى كل أحد كيف أنهم: لا يوقرون رسول الله صلى الله عليه وآله،