توثيقه بالمصادر والأسانيد، ولا البحث في دلالاته ومراميه المختلفة...
وإنما هدفنا هو الإلماح إلى حدث سبقه بفترة وجيزة، وهو ما حصل - تحديدا - في نفس ة الوداع، التي نصب فيها النبي صلى الله عليه وآله عليا إماما للأمة، وهو في طريق عودته منها إلى المدينة.
وذلك لأن التعرف على هذا الحدث الذي سبق قضية الغدير لسوف يمكننا من أن نستوضح جانبا من المغزى العميق الذي يكمن في قوله تعالى:
والله يعصمك من الناس (2).
ولكننا قبل ذلك، لا بد لنا من إثارة بعض النقاط المفيدة في هذا المجال فنقول:
الحدث الخالد:
إن من طبيعة الزمن في حركته نحو المستقبل، وابتعاده عن قضايا الماضي، هو أن يؤثر في التقليل من أهمية الأحداث الكبيرة، التي يمر بها، وتمر به، ويساهم في أفولها شيئا فشيئا، حتى تصبح على حد الشبح البعيد البعيد، ثم قد ينتهي بها الأمر إلى أن تختفي عن مسرح الذكر والذاكرة، حتى كأن شيئا لم يكن.
ولا تحتاج كبريات الحوادث في قطعها لشوط كبير في هذا الاتجاه إلى أكثر من بضعة عقود من الزمن، مشحونة بالتغيرات والمفاجآت...
وحتى لو احتفظت بعض معالمها - لسبب أو لآخر - بشئ من الوضوح، ونالت قسطا من الاهتمام، فلا يرجع ذلك إلى أن لها دور يذكر في حياة الإنسان وفي حركته. وإنها لأنها أصبحت تاريخا مجيدا يبعث الزهو والخيلاء لدى بعض الناس، الذين يرون في ذلك شيئا يشبه القيمة، أو يعطيهم بعضا من الاعتبار والمجد بنظرهم.
ولكن قضية الغدير، رغم مرور الدهور والأحقاب، وبعد ألف وأربع مئة سنة زاخرة بالتقلبات العجيبة، وبالقضايا الغريبة، ومشحونة بالحروب والكوارث،