مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٢١ - الصفحة ١٢٧
كيفية تفكيره، ومن الإمام يأخذ معالم الدين وتفسير القرآن، وخصائص العقائد ودقائق المعارف..
وهذا بالذات هو السر في أننا نجد إنسانا يأخذ معالم دينه من شخص دون آخر، بجعل هذا أسوته وقدوته دون ذاك.
إذن.. فموضوع الغدير، ونصب الإمام للناس، وتعريفهم به، لا يمكن أن يكون على حد تنصيب خليفة، أو حاكم، أو ما إلى ذلك، بل الأمر أكبر وأخطر من ذلك... كما أنه ليس حدثا عابرا فرضته بعض الظروف، لا يلبث أن ينتهي ويتلاشى تبعا لتلاشي وانتهاء الظروف التي فرضته أو أوجدته، وليصبح في جملة ما يحتضنه التاريخ من أحداث كبيرة، وصغيرة، لا يختلف عنها في شئ، ولا أثر له في الحياة الحاضرة إلا بمقدار ما يبعثه من زهو، واعتزاز، أو يتركه من مرارة وألم على مستوى المشاعر والانفعالات لا أكثر..
بل أمر الإمامة، هو الذي يمس في الصميم حقيقة هذا الإنسان، ومصيره ومستقبله، ودنياه وآخرته، ويؤثر في مختلف جهات وجوده وحياته... ومعنى ذلك هو أنه لا بد من حسم الموقف في هذا الأمر ليكون الإنسان على بصيرة من أمره فلا يموت ميتة جاهلية. كما تقدم عن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم.
واشتراط الحديث الشريف تحصيل معرفة الإمام في النجاة من الهلكة، وذلك في صيغة عامة تشمل كل إنسان حتى ولو لم يكن يعتنق الإسلام، حيث قال: " من مات ولم يعرف إمام زمانه.. " ولم يقل: إذا مات المسلم ولم...
إن هذا الاشتراط يوضح لنا: أن تجاهل قضية الإمامة، وعدم حسم الأمر في موضوع الأسوة والقدوة يساوق رفضها، وإبعادها عن محيط الحياة والانسان في كونه يوجب الميتة الجاهلية، ويترك آثار السلبية المهلكة والمبيدة، على مجمل حياة هذا الكائن وعلى مستقبله ومصيره، في الدنيا والآخرة.
ومما يدل على ذلك، ويثبته ويؤكده: أنه تعالى قد اعتبر عدم إبلاغ أمر الإمامة إلى الناس، يساوق عدم إبلاغ الرسالة نفسها من الأساس، وذلك يعني. أنه لا يمكن
(١٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 ... » »»
الفهرست