مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٢١ - الصفحة ١٢٢
ولكننا نقول: إن التهديد الحقيقي موجه لفئات من الناس كان يخشاها الرسول، كما صرح هو نفسه صلى الله عليه وآله بذلك ولم يكن النبي صلى الله عليه وآله ممتنعا عن الابلاغ، ولكنه كان ممنوعا منه، فالتهديد له - إن كان - إنما هو من باب: " إياك أعني، واسمعي يا جارة "..
وهذا بالذات، ما نريد توضيحه في هذا البحث، بالمقدار الذي يسمح لنا به المجال، والوقت.. فنقول:
الغدير والإمامة:
إن من يراجع كتب الحديث والتاريخ، يجدها طافحة بالنصوص والآثار الثابتة، والصحيحة، الدالة على إمامة علي أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام، ولسوف يجد أيضا: أن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم لم يأل جهدا، ولم يدخر وسعا، في تأكيد هذا الأمر، وتثبيته، وقطع دابر مختلف التعللات والمعاذير فيه، في كل زمان ومكان، كان، وفي مختلف الظروف والأحوال، على مر العصور والدهور..
وقد استخدم في سبيل تحقيق هذا الهدف مختلف الطرق والأساليب التعبيرية وشتى المضامين: فعلا وقولا، تصريحا، وتلويحا، إثباتا ونفيا، وترغيبا، وترهيبا، إلى غير ذلك مما يكاد لا يمكن حصره، في تنوعه، وفي مناسباته.
وقد توجت جميع تلك الجهود المضنية، والمتواصلة باحتفال جماهيري عام نصب فيه رسميا علي عليه السلام في آخر حجة حجها رسول الله صلى الله عليه وآله، وأخذت البيعة له فعلا من عشرات الألوف من المسلمين، الذين يرون نبيهم للمرة الأخيرة...
وقد كان ذلك في منطقة يقال لها، " غدير خم " واشتهرت هذه الحادثة باسم هذا المكان. وهي أشهر من أن تذكر.
ولسنا هنا في صدد البحث عن وقائع ما جرى، واستعراض جزئياته، ولا نريد
(١٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 ... » »»
الفهرست