مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٢٠ - الصفحة ١٥٠
ومنه: " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " (25) أي: نعمة، ويقال للقرآن رحمة وللغيث رحمة، أي: نعمة، وقد يتسمى بالرحيم غيره تعالى ولا يتسمى بالرحمن سواه، لأن الرحمن هو الذي يقدر على كشف الضر والبلوى، ويقال لرقيق القلب من الخلق: رحيم، لكثرة وجود الرحمة منه بسبب الرقة، وأقلها الدعاء للمرحوم والتوجع له، وليست في حقه تعالى كذلك، بل معناها إيجاد النعمة للمرحوم وكشف البلوي عنه، فالحد الشامل أن تقول: هي التخلص من أقسام الآفات، وإيصال الخيرات إلى أرباب الحاجات (26).
وفي كتاب الرسالة الواضحة (27): أن الرحمن الرحيم من أبنية المبالغة، إلا أن فعلان أبلغ من فعيل، ثم هذه المبالغة قد توجد تارة باعتبار الكمية، وأخرى باعتبار الكيفية:
فعلى الأول قيل: يا رحمن الدنيا - لأنه يعم المؤمن والكافر - ورحيم الآخرة لأنه يخص الرحمة بالمؤمنين، لقوله تعالى: " وكان بالمؤمنين رحيما " (28).
وعلى الثاني قيل: يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيم الدنيا، لأن النعم الأخروية كلها جسام، وأما النعم الدنيوية فجليلة وحقيرة.
وعن الصادق عليه السلام: الرحمن اسم خاص بصفة عامة، والرحيم اسم عام بصفة خاصة (29).
عن أبي عبيدة (30): الرحمن ذو الرحمة، والرحيم الراحم، وكرر لضرب

(٢٥) الأنبياء ٢١: ١٠٧.
(٢٦) عدة الداعي: ٣٠٣ - ٣٠٤، باختلاف.
(٢٧) الرسالة الواضحة في تفسير سورة الفاتحة، للمصنف الشيخ علي بن إبراهيم الكفعمي: مخطوطة.
(٢٨) الأحزاب ٣٣: ٤٣.
(٢٩) مجمع البيان ١: ٢١.
(٣٠) أبو عبيدة معمر بن المثني البصري النحوي اللغوي، أول من صنف غريب الحديث، وكان أبو نؤاس الشاعر يتعلم منه ويصفه ويذم الأصمعي، له عدة مصنفات، منها: مجاز القرآن الكريم وغريب القرآن ومعاني القرآن، مات سنة (٢٠٩ ه‍) وقيل غير ذلك.
وفيات الأعيان ٥: ٢٣٥، الكنى والألقاب ١: ١١٦.
(١٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 ... » »»
الفهرست