مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٩ - الصفحة ٣٧
4 - دليل هشام على اختيار هذا المصطلح نقل استدلال هشام على اصطلاحه في الجسم في رواية يونس بن ظبيان، قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام، فقلت له: إن هشام بن الحكم يقول قولا عظيما! إلا أني أختصر لك منه أحرفا: يزعم أن الله " جسم " لأن الأشياء شيئان: جسم، وفعل الجسم، فلا يجوز أن يكون الصانع بمعنى الفعل، ويجوز أن يكون بمعنى الفاعل (89).
ومراده: أن الموجودات على قسمين:
إما أعراض، وقد عبر عنها هشام بكلمة " الفعل " وهو ما لا يستقل في وجوده، بل يحتاج إلى محل يعرض عليه أو يصدر منه.
وإما ذرات، وقد عبر عنه بكلمة " الجسم " وهو ما يستقل في وجوده.
والبارئ جل ذكره، لا يكون إلا من الموجودات المستقلة بالوجود، وبما أن الأعراض لا تسمى عند هشام " أشياء " والذوات عنده هي الأشياء، وقد عرفنا من مصطلحه أن الشئ عنده يسمى بالجسم.
والبارئ ليس عرضا، بل ذات، ويسمى " شيئا " فإذن يطلق عليه اسم " جسم "!
هذا ما نفهمه من استدلال هشام في هذه الرواية، وهو الذي فهمه تلامذة هشام، وقد نقله ابن أبي الحديد عنهم، فقالوا: إنه " جسم لا كالأجسام " على معنى أنه بخلاف العرض الذي يستحيل أن يتوهم منه فعل، ونفوا عنه " معنى الجسمية " (9).
فنفي معنى الجسمية، يدل على أن المراد بقولهم " جسم " مجرد الاسم، وإذا انتفى عنه معنى الجسمية، وهي التكتل الخارجي المقتضي للأبعاد، كان " الجسم " في

(٨٩) التوحيد - للصدوق -: ٩٩، ب ٦، ح ٧: والحكايات - للمفيد -: ١٣٢.
(٩٠) شرح نهج البلاغة ٣ / 288.
(٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 ... » »»
الفهرست