وبالجملة.. فإن هذا حال أهل الحديث.. إلا القليل منهم.. الذين نظروا في الأحاديث وبحثوا عن أحوالها على أساس النظر في المفاد والمدلول.. فجاء عنهم الطعن والقدح في أحاديث كثيرة حتى من الصحيحين.. لأن الحديث إذا عارض الكتاب أو خالف الضرورة من الدين أو العقل أو التاريخ يكذب وإن صح سنده.. وقد أشرنا إلى هذه القاعدة المقررة من قبل..
2 - إنه قد اختلف القوم في أسباب الجرح والتعديل اختلافا فاحشا فرب راو هو موثوق به عند البخاري ومجروح عند مسلم كعكرمة مولى ابن عباس أو موثوق عندهما ومجروح عند غيرهما... كما ذكرنا..
ويتلخص: أن في أحاديث الصحيحين ما هو مطعون فيه من جهة السند، وما هو مطعون فيه من جهة دلالته على معنى تخالفه الضرورة من النقل أو العقل، وما هو مطعون فيه من الجهتين.. وإليك نماذج من هذه الأنواع:
1 - أخرج البخاري في كتاب الطب بسنده عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس عن رسول الله [صلى الله عليه وآله] أنه قال في كسب المعلمين: " إن أحق ما أخذ عليه الأجر كتاب الله " (64).
وأورده ابن الجوزي في الموضوعات، حيث رواه بسنده عن ابن أبي مليكة عن عائشة وطعن في سنده ثم قال: " والحديث منكر " (65).
2 - أخرج البخاري في كتاب التفسير عن ابن عباس قال: " قرأ رسول الله [صلى الله عليه وآله] بمكة: والنجم.. فلما بلغ: أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى، ألقى الشيطان في أمنيته... " (66).
قال الرازي: " أما أهل التحقيق فقد قالوا: هذه الرواية باطلة موضوعة