مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٣ - الصفحة ٨٢
يخفيه وكان به ضنينا، ويمكن أن نحتمل أسبابا كثيرة أدت إلى إخفائه وإلى تأخير إظهاره إلى زمان زياد ومعاوية، يمكن أن نحتمل منها الأسباب التالية:
فربما كان السبب في التأخير الظروف السياسية والاجتماعية والحربية الصاخبة آنذاك في الفترة التي عاشها أمير المؤمنين - عليه السلام - حيث لم تسمح له بنشر هذا العمل.
وربما كان السبب هو المنع الذي كان مفروضا على التدوين والكتابة عامة وخاصة بما يرتبط بالشريعة الإسلامية، وبالأخص على أصحاب أمير المؤمنين - عليه السلام - ومواليه وشيعته، خوفا من كتابة ونشر بعض الكتابات التي ترفع من شأن أهل البيت - عليهم السلام - وتحط من أعدائهم ومخالفيهم، فالشيعة كانوا مطاردين في تصرفاتهم وأقوالهم وكتاباتهم، لذلك لم تسمح السلطة بأمثال هذه الأعمال منهم، فربما لو كان أبو الأسود يبدأ بهذا العمل من نفسه لم يكن له مثل هذا الانتشار والتأثير، وربما حاربته السلطة الحاكمة، ولكنه كان ينتظر الفرصة المناسبة التي يشعر بها المسؤولون والحكام أنفسهم بخطورة اللحن على الأمة وبإلحاح من الظروف والناس ليطلبوا منه أو من غيره القيام بهذا العمل.
وربما كان حجة الذين منعوا من التدوين والكتابة بصورة عامة، وخاصة بما يرتبط بالشريعة الإسلامية، هو الخوف من اختلاطها بالقرآن الكريم، وبذلك لا يحافظ على أصالة القرآن الكريم وسلامته.
إذا فكيف بمثل هذا العمل الذي يتعرض بصورة مباشرة للقرآن الكريم ومحاولة تحريكه وتشكيله وإضافة بعض الكتابات فيه، مما يكون عامل المنع فيه أقوى، وهذه الحجة وإن كان وراءها دوافع وأغراض سياسية، ولكن قد تذرع بها البعض للمنع من التدوين والكتابة.
أو أن السبب في ذلك عدم انتشار اللحن في القرآن الكريم وفي كلام العرب، وإنما أخذ بالانتشار والذيوع بعد اختلاط العرب بغيرهم مما أدى إلى ظهور اللحن باتساع وإلى الشعور أكثر بخطورة المشكلة.
(٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»
الفهرست