مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٣ - الصفحة ٤٩
إذا فلأجل الحفاظ على نصوص القرآن الكريم والأحاديث الشريفة أن تتعرض للتغيير والتبديل، ولسوء الفهم وعدم القدرة على فهمها، وعدم التمكن من استخراج الأحكام الشرعية والمفاهيم الإسلامية بصورة صحيحة، كل ذلك حفز الإمام - عليه السلام - لوضع النحو، لأنه خليفة المسلمين، والذي عليه مهمة الحفاظ على الإسلام والقرآن الكريم لكل الأجيال.
3 - محاربة اللحن:
فكان على الإمام - عليه السلام - أن يحارب هذا الخطر الجديد باعتباره خليفة المسلمين وإمامهم وعلى عاتقه مهمة الحفاظ على القرآن الكريم والأحاديث الشريفة من الخطأ واللحن، وكان يشاركه في هذا الشعور أبو الأسود الذي كان يشعر باللحن - كما ذكرنا ذلك في الرواية السابقة - وكان يعتبر المستشار في الكثير من القضايا اللغوية - آنذاك - لدى الخلفاء والولاة، والذي تعرف على مدى شيوع اللحن على الألسنة ومدى خطورته الدينية واللغوية، وكان الدافع لأبي الأسود هو الدافع الديني، لذلك قام بتنقيط المصحف الشريف دون سواه، ولم يتحرك إلا حين شعر بالخطر المحدق بالمصحف الشريف، ولكن هذا العمل - رغم أهميته - لا يؤدي هذه الوظيفة بصورة تامة، لذلك اندفع الإمام - عليه السلام - وأبو الأسود إلى التفكير جديا في محاربة هذا الوباء الزاحف ومعالجته، وذلك بوضع النحو الذي يتكفل بهذه المهمة الخطيرة، فإن علم النحو هو الذي يمكنه القضاء على هذا المرض الذي أخذ يشيع في الأمة الإسلامية، وأما التنقيط فإنه وإن كان يشكل جزءا لا ينفصل عن هذه المهمة التي تبناها الإمام - عليه السلام - وكلف بها أبا الأسود - بعد أن مهد له السبيل - ولكنه لا يمكنه معالجة اللحن بصورة تامة كعلم النحو، كما سنرى ذلك.
وأما الاعتراض بأن تلك الفترة - عصر الإمام (عليه السلام) - لم تكن تسمح بظهور مثل هذه المصطلحات والأفكار الفلسفية والتقسيمات والتعريفات
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»
الفهرست