مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٣ - الصفحة ٢٣٩
وبعد انقراض أولئك العرب، المالئة دلو البلاغة إلى عقد الكرب (127)، وبقاء رباعها (128) بغير طلل (129) ورسم (130)، وذهابها ذهاب جديس وطسم (131)، لم يبق من هذا العلم إلا نحو الغراب الأعصم (132)، والنكتة (133) البيضاء في نقبة الأدهم (134)، وجملة تلك البقية قد اتبعوا سنن الأولين، وكانوا على عجز العرب معولين، ولم يقولوا كم بين إيمان السحار وبين إيمان النظار، ثم أدرج هذا العلم تحت طي النسيان، كما يدرج الميت في الأكفان.
ولولا أن الله أوزعني أن أنفض عليه لمتي (135)، وألهمني أن أنهض إليه بهمتي، حتى أنفقت على النظر فيه شبابي، ووهبت له أمري، وكانت إجالة الفكر في غوامضه دهري، لم تسمع من أحد فيه همسا، ولم تلق من ينبس منه بكلمة نبسا، والله أسأل أن يهديني سبل الإصابة، ويثيبني على ذلك أحسن إثابة، فما نويت بما لقيت فيه من عرق الجبين، إلا التوصل إلى ما فيه من ثلج اليقين، وإلا

(١٢٧) مثل سائر مأخوذ من قول الفضل بن عباس بن عتبة بن أبي لهب حيث يقول:
من يساجلني يساجل ماجدا * يملأ الدلو إلى عقد الكرب وهو الحبل الذي يشد في وسط العراقي ثم يثنى، ثم يثلث، ليكون هو الذي يلي الماء فلا يعفن الحبل الكبير. يضرب لمن يبالغ فيما يلي من الأمر أنظر " مجمع الأمثال ٢: ٤٢١ / ٤٧١٥ ".
(١٢٨) الربع: المنزل ودار الإقامة، وربع القوم محلتهم، والرباع جمعه " النهاية - ربع - ٢: ١٨٩ ".
(١٢٩) الطلل: ما شخص من آثار الدار، والجمع أطلال وطلول. " الصحاح - طلل - ٥: ١٧٥٢ ".
(١٣٠) الرسم: الأثر، أنظر " مجمع البحرين - رسم - ٦: ٧٢ ".
(١٣١) جديس: قبيلة من العرب العاربة البائدة، كانت مساكنهم اليمامة والبحرين، وكان يجاورهم طسم، وهي قبيلة من العرب العاربة أيضا، تنتسب إلى طسم بن لاوذ بن إرم بن سام بن نوح، وقد انقرضت. أنظر " معجم قبائل العرب ١: ١٧٢ و ٢: ٦٨٠، ومصادره ".
(١٣٢) الغراب الأعصم: الذي في جناحه ريشة بيضاء لأن جناح الطائر بمنزلة اليد له. " الصحاح - عصم - ٥: ١٩٨٦ ".
(١٣٣) النكتة، بالضم: النقطة. " القاموس المحيط - نكت - ١: ١٥٩ ".
(١٣٤) الدهمة: السواد. يقال: فرس أدهم، وبعير أدهم، وناقه دهماء، إذا اشتدت ورقته حتى ذهب البياض الذي فيه. " الصحاح - دهم - ٥: ١٩٢٤ ".
(١٣٥) اللمة: الهمة، والخطرة تقع في القلب " النهاية - لمم - 4: 273 ".
(٢٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 ... » »»
الفهرست