مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١١ - الصفحة ١٩٨
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي جعل الصوم جنة من النار، والصلاة على أشرف الخلائق محمد وآله الأطهار.
يقول أقل العباد محمد المشتهر ببهاء الدين العاملي - وفقه الله للعمل في يومه لغده، قبل أن يخرج الأمر من يده -:
لما فرغت من تأليف المقالة الاثني عشرية في الصلاة اليومية، وأختها الاثني عشرية الحجية، التمس مني بعض الأخلاء الأجلاء - وفقه الله لارتقاء معارج الكمال - تأليف اثني عشرية صومية على ذلك المنوال، فأسعفته بذلك مع ضيق المجال وتوزع البال، والله أسأل أن ينفع بها الطالبين، وأن يجعلها من أحسن الذخائر ليوم الدين.
فأقول:
الأمور التي لا بد للصائم من اجتنابها نوعان:
الأول: أمور يفسد الصوم بارتكابها، ويتوقف حصول حقيقته على اجتنابها، كالأكل والجماع عمدا.
الثاني: ما ليست كذلك، ولكن ورد الشرع بنهي الصائم عنه، كالحقنة على الأقرب، والارتماس عند بعض.
والأمور الأولى لا بد في نية الصوم من قصد المكلف الامساك عنها ولو إجمالا، بخلاف الثانية، وقد كثر الخلاف بين علمائنا - قدس الله أرواحهم - في تعيينها، ومن ثم اختلفوا في بيان حقيقة الصوم شرعا على حسب اختلاف مذاهبهم فيها. فبعضهم عرفه بتوطين النفس على ترك أمور ثمانية، وبعضهم بالإمساك عن أمور عشرة، وبعضهم زاد وبعضهم نقص.
وقد رام بعضهم تعريفه بما ينطبق على جميع المذاهب، فعرفه تارة بالإمساك عن المفطرات مع النية، وأخرى بتوطين النفس على الامساك على المفطرات، وهما
(١٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 ... » »»
الفهرست