الآخرة المقدم ذكرها، فخلوت بهذا الشيخ عبد المحسن، فعرفته، وهو رجل صالح، لا تشك النفس في حديثه، ومستغن عنا، فسألته فذكر أن أصله (4) من حصن بشير، وأنه انتقل إلى الدولاب، الذي بحذاء المحولة المعروفة بالمجاهدية، ويعرف الدولاب بابن أبي الحسن، وأنه مقيم هناك، وليس له عمل بالدولاب، ولا زرع، ولكنه تاجر في شراء غلات، وغيرها، وأنه كان قد ابتاع غلة من ديوان أبي السرايا، وجاء ليقبضها، وبات عند المعيدية في الموضع المعروف بالمحر، فلما كان وقت السحر، كره استعمال ماء المعيدية، فخرج يقصد النهر، والنهر في جهة المشرق، فما أحس بنفسه إلا وهو عند تل السلام، في طريق مشهد الحسين عليه السلام، في جهة المغرب، وكان ذلك ليلة الخميس تاسع عشر جمادي الآخرة من سنة إحدى وأربعين وستمائة - التي تقدم شرح بعض ما تفضل الله علي فيها وفي نهارها في خدمة مولانا أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه -.
قال: فجلست أريق ماء، وإذا بفارس عندي ما سمعت له حسا، ولا وجدت لفرسه حركة ولا صوتا، وكان القمر طالعا، ولكن الضباب (41) كثيرا فسألته عن الفارس وفرسه، فقال: كان لون فرسه صديا، وعليه ثياب بيض، ومتحنك بعمامته، ومتقلد بسيفه.
فقال الفارس لهذا الشيخ عبد المحسن كيف وقت الناس؟
قال عبد المحسن: فظننت أنه يسأل عن ذلك الوقت، قال، فقلت: الدنيا عليها ضباب وغبرة.
فقال: ما سألتك عن هذا، أنا أسألك عن حال الناس.
قال، فقلت: الناس طيبون، مرخصون، آمنون (42) في أوطانهم، وعلى أموالهم.
فقال تمضي إلى ابن طاووس، وتقول له: كذا وكذا، وذكر لي ما قال لي صلوات الله وسلامه عليه.