مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٦ - الصفحة ٧٢
المعقولات والمحسوسات من جهة ما هي محسوسات محال.
والثاني هو أن يكون ذلك القائم بنفسه غير ذي وضع، وهو أيضا محال، لأنه قول بالمثل الإلهية.
وأما إن كان ذلك الخارج المطابق به متمثلا في غيره فينقسم أيضا إلى قسمين، وذلك لأن ذلك الغير إما أن يكون ذا وضع أو غير ذي وضع، فإن كان ذا وضع كان المتمثل فيه مثله، وعاد المحال المذكور فيبقى القسم الآخر، وهو أن يكون متمثلا في شئ غير ذي وضع.
ثم نقول: ذلك المتمثل فيه لا يمكن أن يكون بالقوة، وإن كان بعض ما في الأذهان بالقوة، وذلك لامتناع المطابقة بين ما هو بالفعل أو يمكن أن يصير وقتا ما بالفعل، وبين ما هو بالقوة. وأيضا لا يمكن أن يزول أو يتغير أو يخرج إلى الفعل بعد ما كان بالقوة، ولا في وقت من الأوقات، لأن الأحكام المذكورة واجبة الثبوت أزلا وأبدا من غير تغيير، واستحالة، ومن غير تقييد بوقت ومكان، فواجب أن يكون محلها كذلك، وإلا فأمكن ثبوت الحال بدون المحل.
فإذا ثبت وجود موجود قائم بنفسه في الخارج غير ذي وضع، مشتمل بالفعل على جميع المعقولات التي لا يمكن أن يخرج إلى الفعل، بحيث يستحيل عليه وعليها التغيير والاستحالة والتجدد والزوال، ويكون هو وهي بهذه الصفات أزلا وأبدا.
وإذا ثبت ذلك فنقول: لا يجوز أن يكون ذلك الموجود هو أول الأوائل، أعني واجب الوجود لذاته عزت أسماؤه.
وذلك لوجوب اشتمال ذلك الموجود على الكثرة التي لا نهاية لها بالفعل، وأول الأوائل يمتنع أن يكون فيه كثرة، وأن يكون مبدأ أولا للكثرة، وأن يكون محلا قابلا لكثرة تتمثل فيه.
فإذا ثبت وجود موجود غير الواجب الأول تعالى وتقدس بهذه الصفة ونسميه بعقل الكل، وهو الذي عبر عنه في القرآن المجيد، تارة باللوح المحفوظ، وتارة بالكتاب المبين، المشتمل على كل رطب ويابس، وذلك ما أردنا بيانه. والله الموفق والمعين ".
أقول: قوله: " إنا لا نشك في كون الأحكام اليقينية... " فلها نفسية، وما هي إلا العلوم والأنوار الوجودية في كل موطن ونشأة على سبيل الحقيقة والرقيقة،
(٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 ... » »»
الفهرست