مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٤ - الصفحة ٤٠
الحديث - " بالموقوف " هذا ما لا بحث فيه.
وإنما وقع البحث فيما يذكره التابعي ناقلا له عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، من دون توسيط الصحابي، فقال قوم بحجيته بعد أن اعتبروه من " السنة " و سموه " مرسلا " أيضا (43).
والوجه في التسمية هو أن التابعي - والمراد به من تأخر عصره عن عصره صحبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولم يرو عنه إلا مع الواسطة - إذا روى شيئا عنه صلى الله عليه وآله ورفعه إليه، فحديثه مرفوع، إلا أنه ليس متصلا، بل هو مرسل، والواسطة محذوفة، وهي الصحابي بالفرض، فيكون حديثه غير مسند، وقد وقع الخلاف في حجية مرسلات التابعي مطلقا غير ما يختص منها بأسباب النزول.
أما في خصوص هذا الباب فإنهم اعتبروا الموقوف على التابعي من روايات النزول مرفوعا حكما، وقالوا: إن ما لم يرفعه - في هذا الباب - هو بحكم المرفوع من التابعي، وإن كان مرسلا، فيقع فيه البحث في مرسلاته.
قال السيوطي - بعد أن حكم بأن الموقوف على الصحابي في باب أسباب النزول بمنزلة المسند المرفوع منه - ما نصه: ما تقدم أنه من قبيل المسند من الصحابي، إذا وقع من تابعي فهو مرفوع أيضا، لكنه مرسل، فقد يقبل إذا صح المسند إليه، وكان من أئمة التفسير والآخذين من الصحابة كمجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير، أو اعتضد بمرسل آخر، ونحو ذلك (44).
إذن، ما ورد في باب أسباب النزول عن التابعين، يعد حديثا مرفوعا منسوبا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولو لم يرفعه التابعي إليه، ولا إلى أحد من الصحابة، فيدخل في البحث عن حجية مرسل التابعي ثم أن مرسل التابعي ليس بإطلاقه مرفوضا.
قال الزركشي: في الرجوع إلى قول التابعي، روايتان لأحمد واختار ابن عقيل المنع، وحكوه عن شعبة، لكن عمل المفسرين على خلافه، وقد حكوا في كتبهم أقوالهم (45).

(٤٣) تقريب النواوي المطبوع مع التدريب (١١٨).
(٤٤) الاتقان (ج ١ ص ١١٧).
(٤٥) البرهان في علوم القرآن للزركشي (ج 2 ص 158).
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»
الفهرست