مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٤ - الصفحة ٣٩
عند الجمهور، والأمة اتفقت على قبول رواية ابن عباس ونظرائه من أصاغر الصحابة مع إكثارهم، وأكثر روايتهم عن النبي صلى لله عليه وآله وسلم مراسيل (41).
وقال النووي - بعد أن تعرض لحكم الحديث المرسل بالتفصيل -: هذا كله في غير مرسل الصحابي، أما مرسله فمحكوم بصحته، على المذهب الصحيح.
وقال السيوطي في شرحه لهذا الكلام: " أما مرسله " كإخباره عن شئ فعله النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو نحوه، مما يعلم أنه لم يحضره لصغر سنه أو تأخر إسلامه " فمحكوم بصحته على المذهب الصحيح " الذي قطع به الجمهور من أصحابنا و غيرهم، وأطبق عليه المحدثون المشترطون للصحيح، القائلون بضعف المرسل، وفي الصحيحين من ذلك ما لا يحصى (42).
ثم، علي فرض صدق " المرسل " على كلام الصحابي اصطلاحا، ولو قلنا باعتبار مرسلات الصحابة تلك التي لم يحضرها، كان القول باعتبار مرسلاتهم التي حضروها لو سميت بالمرسل أولى كما لا يخفى.
رابعا: إن الذي عرفناه في الفقرة السابقة هو انحصار طريق معرفة أسباب النزول بالأخذ من الصحابة، لأن أكثر الأسباب المعروفة للنزول إنما هو مذكور عن طريقهم ومأخوذ من تفاسيرهم، لأنهم وحدهم الحاضرون في الحوادث والمشاهدون للوحي ونزوله، فلو شددنا التمسك بقواعد علم الرجال ومصطلح الحديث، وطبقناها على روايات أسباب النزول، لأدى ذلك إلى سد باب هذا العلم.
وبما أنا أكدنا في صدر هذا البحث على أهمية المعرفة بأسباب النزول فإن من الواضح عدم صحة هذا التشدد، وفساد ما ذكر من عدم حجية روايات الباب، ولا يكون ما ذكر في علمي الرجال والمصطلح مانعا من الأخذ بأقوال الصحابة في الباب.
الوجه الثاني: الاعتراض بالإرسال والوقف على التابعين لا شك أن ما يرويه التابعي من دون رفع إلى من فوقه من الصحابة أو وصله إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يكون " رأيا " خاصا له، فلا يكون حجة من باب كونه حديثا نبويا، لأنه لا يدخل تحت عنوان " السنة " ويسمى - في مصطلح دراية

(41) روضة الناظر (ص 2 11).
(42) تدريب الراوي شرح تقريب النواوي (126).
(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 ... » »»
الفهرست