أقول: بل في غير المفسرين من يلتزم بحجية مراسيل التابعين.
قال الطبري: أجمع التابعون بأسرهم على قبول المرسل على قبول المرسل ولم يأت عنهم إنكاره، ولا من أحد من الأئمة بعدهم إلى رأس المائتين (46).
وبين القائلين بحجية المرسل، ثلاثة من أئمة الفقهاء، وهم أبو حنيفة ومالك و أحمد، أي خلا الشافعي.
قال النووي والسيوطي: " المرسل: حديث ضعيف " وقال مالك، في المشهور عنه، وأبو حنيفة في طائفة منهم أحمد في المشهور عنه: صحيح (47).
أقول: حتى الشافعي - القائل بضعف المرسل - يقول باعتباره في بعض الظروف، كما سيأتي.
ثم أن المرسل لو كان ضعيفا، فإن ذلك لا يعني تركه وعدم الأخذ به مطلقا، بل هناك طرق مؤدية إلى تقويته إلى حد الاعتبار.
قال النووي: فإن صح مخرج المرسل بمجيئه من وجه آخر، مسندا أو مرسلا، أرسله من أخذ من غير رجال الأول، كان صحيحا.
وأضاف السيوطي عليه: هكذا نص عليه الشافعي في الرسالة (48).
أقول: وهذه طريقة متداولة لتقوية الحديث الضعيف بواسطة الشواهد والمتابعات، كما سنذكر ذلك في جواب الوجه الثالث التالي.
الوجه الثالث: الاعتراض بضعف روايات الباب إن الكثير من رواة أخبار الباب ضعفاء من الناحية الرجالية، وموهونون في نقل الحديث، فكثيرا ما نرى هذا السند في روايات النزول "... الكلبي عن أبي صالح ... " وقد نقل السيوطي عن الحاكم النيسابوري في هذا السند أنه " أو هي أسانيد ابن عباس مطلقا " ويقول فيه ابن حجر " هذه سلسلة الكذب " (49).
والجواب: إن ما ذكر صحيح في الجملة، إلا أن ضعف سند حديث ما لا يعني - إطلاقا - ضعف متنه، فإن من الممكن أن لا يكون المتن ضعيفا بل يكون صحيحا