مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٤ - الصفحة ٤٢
بسند آخر، غير هذا السند الضعيف، توضيح ذلك:
قال اللكهنوي: قولهم: " هذا حديث ضعيف " فمرادهم أنه لم تظهر لنا فيه شروط الصحة، لا أنه كذب في نفس الأمر، لجواز صدق الكاذب، وإصابة من هو كثير الخطأ، هذا هو القول الصحيح الذي عليه أكثر أهل العلم، كذا في شرح الألفية للعراقي، وغيره (50).
وقال أيضا: كثرا ما يقولون " لا يصح " و " لا يثبت هذا الحديث " ويظنه منه من لا علم له: أنه موضوع أو ضعيف، وهو مبني على جهله بمصطلحاتهم، وعدم وقوفه على مصرحاتهم، فقد قال علي القارئ: لا يلزم من عدم الثبوت وجود الوضع (51).
وقال الدكتور عتر: قد يضعف السند ويصح المتن، لوروده من طريق آخر...
إذا رأيت حديثا بإسناد ضعيف، فلك أن تقول: " ضعيف بهذا الإسناد " وليس لك أن تقول: " هذا ضعيف " كما يفعله بعض المتمجدهين في هذا العلم الشريف، تعين به ضعف متن الحديث، بناء على مجرد ذلك الإسناد!؟ فقد يكون مرويا بإسناد آخر صحيح، يثبت بمثله الحديث (52).
إذن فليس كل حديث ضعيف السند باطلا، موضوعا، ضعيف المتن، بل هناك فرق بين ما يكون إسناده ضعيفا وبين ما يكون متنه ضعيفا، وبين الحديث المتروك والحديث الموضوع، ومحل التفصيل هو علم المصطلح أو " دراية الحديث ".
وقد قرر علماء الدراية والمصطلح طرقا يعرف بها أي الأحاديث الضعيفة السند لا يمكن الأخذ بها؟ وأيها يؤخذ بها من وجوه أخر؟
قال النووي والسيوطي - وقد جمعنا بين كلامهما متنا بين الأقواس وشرحا خارجها -: إذا ورد الحديث من وجوه ضعيفة، لا يلزم أن يحصل من مجموعها حسن.
[والمراد من قوله: (لا يلزم...) أنه ليس ضروريا لصيرورة الحديث الضعيف حديثا حسنا أن يلتزم بأن الأسانيد تقوي بعضها بعضا، وليس بحاجة إلى كثرة فيها، حتى تصل إلى درجة الحسن، بل يكفي الأقل من ذلك، كطريق واحد آخر، كما يشرحه

(50) الرفع والتكميل في الجرح والتعديل (ص 136) (51) المصدر السابق (ص 137).
(52) منهج النقد في علوم الحديث (ص 290).
(٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 ... » »»
الفهرست