مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٤ - الصفحة ٣١
نزلت من أجله، وعليه فإن أسباب النزول هي القضايا والحوادث التي وردت الآيات من أجلها وفي شأنها، أو نزلت مبينة لحكم ورد فيها، أو نزلت جوابا عن سؤال مطروح.
لكن لا بد من الإعراض عن هذا الظاهر، لأن الالتزام بهذا المعنى غير صحيح لوجهين:
الأول: إن هذا المعنى بعيد أن يقصده علماء الإسلام وخاصة في مجال علوم القرآن، لأن السبب بهذا المعنى اصطلاح فلسفي لم يتداوله المسلمون إلا في القرون المتأخرة، وعلى ذلك: فلا بد من حمل كلمة " سبب " على معناها اللغوي، وهو " ما يتوصل به إلى أمر "، وهذا يعم ما فيه سببية بالمصطلح الفلسفي، أو يكون مرتبطا به بشكل من الأشكال، فسبب النزول هو " كل ما يتصل بالآية من القضايا والحوادث والشؤون "، سواء كانت علة نزلت الآية من أجلها أو لم تكن كذلك، بل ارتبطت بالنزول ولو بنحو الظرفية المكانية أو الزمانية أو الاقتران، وما شابه.
الوجه الثاني: إن ملاحظة ما ذكره المفسرون وعلماء القرآن من أسباب نزول الآيات تدلنا بوضوح على أن مرادهم به ليس هو خصوص ما كان سببا بالمصطلح الفلسفي، بأن يكون علة نزلت الآية من أجله، وإنما يذكرون تحت عنوان " سبب النزول " كل القضايا التي كان النزول في إطارها، وما يرتبط بنزول الآيات بنحو مؤثر في دلالتها ومعناها، بما في ذلك الزمان والمكان، وإن لم يتقيد ذلك حتى بالزمان والمكان، ولذلك فإن سبب النزول يصدق على ما يخالف زمان النزول بالمضي والاستقبال.
وقد لا تكون أسباب النزول، إلا خصوصيات في موارد التطبيق تعتبر فريدة، فهي تذكر مع الآية لمقارنة حصولها عند نزولها، ككون العاملين بالآية متصفين ببعض الصفات، أو تعتبر مقارنات نزول الآية لعمل شخص ميزة وفضيلة له.
إلى غير ذلك مما يضيق المجال عن إيراد أمثلته وتفصيله، فإن جميع هذه الموارد يسمونها في كتبهم ب‍ " أسباب النزول " بينما ليس في بعضها سببية للنزول بالمصطلح الأول.
فالمصطلح القرآني لكلمة " أسباب النزول " نحدده بقولنا: " كل ما له صلة بنزول الآيات القرآنية ".
فيشمل كل شئ يرتبط بنزولها، سواء كان علة وسببا أو كان بيانا وإخبارا
(٣١)
مفاتيح البحث: القرآن الكريم (2)، السب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 ... » »»
الفهرست