مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٤ - الصفحة ٣٢
عن واقع، أو تطبيقا نموذجيا فريدا، أو ورد الحكم فيه لأول مرة، أو كان مورده فيه جهة غريبة تجلب الانتباه أو نحو ذلك.
وأما الطرق التي ذكروها لتعيين أسباب النزول فهي:
1 - ما ذكره السيوطي بقوله: والذي يتحرر في سبب النزول أنه ما نزلت الآية أيام وقوعه (24).
وهذا فيه تضييق لأنه أخص مما يطلق عليه اسم سبب النزول عندهم، لعدم انحصاره بما كان في وقت النزول، بل الضروري، هو ارتباط السبب بالآية سواء كان مقارنا لنزولها أو لا، ويعلم الربط بالقرائن، على أنا لا ننكر مقارنة كثير من الأسباب لنزول آياتها، مع أن الالتجاء إلى معرفة سبب النزول بما ذكره من النزول أيام وقوعه يؤدي إلى انحصار معرفة سبب النزول بطريق المشاهدة بالحاضرين، فلا بد من الاعتماد على الروايات لإثباتها إلا أن يكون مراده تعريف سبب النزول وهو الأظهر، لكنه أيضا تضييق كما عرفت.
2 - قال الواحدي: لا يحل القول في أسباب نزول الكتاب، إلا بالرواية والسماع ممن شاهدوا التنزيل، ووقفوا على الأسباب، أو بحثوا عن علمها وجدوا في الطلاب، وقد ورد الشرع بالوعيد للجاهل ذي العثار في هذا العلم بالنار.
أخبرنا أبو إبراهيم، إسماعيل بن إبراهيم الواعظ، قال: أخبرنا أبو الحسين، محمد بن أحمد بن حامد العطار، قال: حدثنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار، قال: حدثنا ليث، عن حماد، قال: حدثنا أبو عوانة، عن عبد الأعلى، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال:
قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم: اتقوا الحديث إلا ما علمتم، فإنه من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار، ومن كذب على القرآن من غير علم فليتبوأ مقعده من النار.
والسلف الماضون رحمهم الله كانوا من أبعد الغاية احترازا عن القول في نزول الآية (25)

(24) الاتقان (ج 1 ص 116).
(25) أسباب النزول للواحدي (ص 4).
(٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 ... » »»
الفهرست