مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٢ - الصفحة ٢٣
وقد أوجبت هذه الاختلافات والنقاشات إلى وقع حروب دامية، وصراعات مدمرة أريقت فيها الدماء البريئة - من المسلمين، وسحقت الكرامات.
غير أن إطار الاختلاف لم يقف عند ذلك، فقد حدث اختلاف في مصير الإنسان، وما يؤول إليه بعد موته من البرزخ ومواقفه، ويوم القيامة وخصوصياته، إلى غيرها من الاختلافات والمنازعات الفكرية العقيدية، التي فرقت شمل المسلمين، ومزقت وحدتهم وكأنهم نسوا قول الله تعالى: (إن هذا أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون) (الأنبياء - 92).
فصارت الأمة الواحدة أمما متعددة، وأصبحت اليد الواحدة أيدي متشتتة.
ولو أضفنا إلى ذلك ما حدث بين المسلمين من الاختلاف في المناهج الفقهية، التي أرساها الصحابة والتابعون وتابعو التابعين، إلى أن وصل الدور إلى الأئمة الأربعة يقف الإنسان على اختلاف واسع مروع، وعند ذلك يتساءل الإنسان ويسأل المرء نفسه: ترى أي الأمرين أحق وأصح؟
1 - ما نص به القرآن الكريم، وحدث عنه سيد المرسلين عن كمال الدين بأصوله وجذوره، وشعبه وفروعه بحيث لم يبق للمسلم حاجة إلا رفعها، ولا حادثة إلا بين حكمها، ومقتضى ذلك أن يتقلل الخلاف والنقاش إلى أقل حد ممكن.
2 - ما نلمسه ونراه - بوضوح - من الخلاف والتشاجر في أبسط الأمور وأعمقها، من دقيقها وجليلها، بحيث لم يبق أصل ولا فرع إلا وفيه رأيان بل آراء.
إن حديث الاختلاف الكبير هذا لا يمكن أن يعد أمرا بسيطا، كيف والإمام علي (عليه السلام) يعتبره دليلا على نقصان الدين إن كان المختلفون على حق، وإلا كان اختلافهم أمرا باطلا، لأن كمال الشريعة يستلزم أن يكون كل شئ فيها مبينا، فلا مبرر ولا مصحح للاختلاف.
يقول الإمام (عليه السلام) في ذم اختلاف العلماء في الفتيا:
ترد على أحدهم القضية في حكم من الأحكام، فيحكم فيها برأيه ثم ترد تلك القضية بعينها على غيره فيحكم فيها بخلاف قوله، ثم يجتمع القضاة بذلك عند الإمام الذي استقضاهم فيصوب آراءهم جميعا وإلههم واحد، ونبيهم واحد، وكتابهم واحد، أفأمرهم الله - سبحانه - بالاختلاف فأطاعوه! أم نهاهم عنه فعصوه! أم أنزل الله سبحانه دينا ناقصا فاستعان بهم على إتمامه! أم كانوا شركاء له فلهم أن يقولوا وعليه أن يرضى؟! أم أنزل الله سبحانه دينا تاما فقصر الرسول (صلى الله عليه وآله) عن تبليغه وأدائه، والله؟! سبحانه يقول: (ما فرطنا في الكتاب من شئ) وفيه تبيان لكل شئ وذكر إن الكتاب يصدق
(٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 1 - كلمة العدد / قلم التحرير 7
2 2 - نظرات سريعة في فن التحقيق (2) / أسد مولوي 9
3 3 - تطور الفقه عند الشيعة في القرنين 4 و 5 (1) / الشيخ جعفر السبحاني 15
4 4 - كتب محققة مطبوعة 35
5 1 - المعتبر / الشيخ ناصر المكارم الشيرازي 35
6 2 - رسائل الشيخ المفيد / الشيخ محمد مهدي نجف 37
7 5 - أهل البيت (عليهم السلام) في المكتبة العربية (2) / السيد عبد العزيز الطباطبائي 41
8 6 - دليل المخطوطات (1) / السيد أحمد الحسيني 65
9 7 - لمن هذه الكتب؟ / السيد جعفر مرتضى العاملي 96
10 8 - أهل البيت (عليهم السلام) في التراث الأشعري (1) 100
11 9 - كتب قيد التحقيق 105
12 1 - المهذب البارع / الشيخ مجتبى العراقي 107
13 2 - تذكرة الفقهاء / السيد جواد الشهرستاني 109
14 3 - بناء المقالة العلوية / السيد علي العدناني 112
15 4 - الإجازة الكبيرة / الشيخ محمد السمامي الحائري 115
16 5 - فتح الأبواب / حامد الخفاف 118
17 10 - كلمة حول النوبختي وكتابه / السيد محمد علي الروضاتي 121
18 11 - صدر مؤخرا 123
19 12 - من ذخائر التراث 125
20 1 - تسمية من قتل مع الامام الحسين (عليه السلام) / السيد محمد رضا الحسيني 127
21 2 - رسالة نزهة الألباب / الشيخ جواد الروحاني 163