تطور الفقه عند الشيعة في القرنين الرابع والخامس وكتاب المهذب: للقاضي ابن البراج الشيخ جعفر السبحاني شرف الفقه:
إن شرف كل علم بشرف موضوعه، وشرف ما يبحث فيه عن عوارضه وأحواله.
فكل علم يرتبط بالله سبحانه وأسمائه وصفاته وأفعاله، أو يرجع إلى التعرف على سفرائه وخلفائه وما أوحي إليهم من حقائق وتعاليم، وأحكام وتكاليف، يعد من أشرف العلوم، وأفضلها وأسناها، لارتباطه به تعالى.
وقد أصبح (علم الفقه) ذات مكانة خاصة بين تلك المعارف والعلوم، لأنه الراسم لمناهج الحياة في مختلف مجالاتها، والمبين للنسك والعبادات، ومحرم المعاملات ومحللها، ونظام المناكح، والمواريث، وكيفية القضاء، وفصل الخصومات والمنازعات، وغيرها وعلى الجملة: هو المنهاج الوحيد والبرنامج الدقيق لحياة المسلم الفردية، والاجتماعية، كيف ويصف علي أمير المؤمنين (عليه السلام) أهمية تلك التعاليم والبرامج، من خلال الإشارة إلى آثارها في حياة الفرد والجماعة إذ يقول:
(فرض الله الإيمان تطهيرا من الشرك، والصلاة تنزيها عن الكبر، والزكاة تسبيبا للرزق، والصيام ابتلاء لإخلاص الخلق، والحج تقربة للدين، والجهاد عزا للإسلام، والأمر بالمعروف مصلحة للعوام، والنهي عن المنكر ردعا للسفهاء وصلة الرحم منماة للعدد، والقصاص حقنا للدماء، وإقامة الحدود إعظاما للمحارم، وترك شرب الخمر تحصينا للعقل، ومجانبة السرقة إيجابا للعفة، وترك الزنى تحصينا للنسب، وترك اللواط تكثيرا للنسل، والشهادات استظهارا على المجاحدات، وترك الكذب تشريفا للصدق، والسلام