لب الأثر في الجبر والقدر - محاضرات السيد الخميني ، للسبحاني - الصفحة ٤٥
عن الواجب سبحانه، إذ لو استغنى في مقام الخلق والإيجاد يلزم انقلاب الفقير بالذات إلى الغني بالذات، لأن الفقير ذاتا فقير فعلا، والمتدلي وجودا متدل صدورا.
وإن شئت قلت: إن الإيجاد فرع الوجود ولا يعقل أشرفية الفعل من الفاعل، فلو كان مستقلا في الإيجاد لصار مستقلا في الوجود، فالقول بأن ممكن الوجود مستقل في فعله، يستلزم انقلاب الممكن بالذات إلى الواجب بالذات وهو محال، قال سبحانه: * (يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد) * (1).
وقال سبحانه: * (يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب * ما قدروا الله حق قدره إن الله لقوي عزيز) * (2).
فتلخص من هذين البرهانين بطلان القول بالتفويض.
ومادة البرهان في الأول غيرها في الثاني.
فإن الأول، يعتمد على أن المعلول لا يوجد إلا بعد الإيجاب وليس الإيجاب شأن الممكن، لأن من طرق تطرق العدم إلى الممكن هو عدم الفاعل وليس سد هذا العدم بيد الفاعل.

(1) فاطر / 15.
(2) الحج / 73 - 74.
(٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 ... » »»