لب الأثر في الجبر والقدر - محاضرات السيد الخميني ، للسبحاني - الصفحة ٤٣
أن البناء مستغن عن البناء بعد الإيجاد فكذلك الإنسان مستغن عن الله بعد التكوين، ولكن التشبيه باطل فإن البناء علة لحركات يده ورجله وأما صورة البناء وبقائها، فهي مستندة إلى القوى المادية الموجودة في المواد الأساسية التي تشكل التماسك والارتباط الوثيق بين أجزائه، فيبقى البناء بعد موت البناء، فليس البناء علة لصورة البناء ولا لبقائه، بل الصورة مستندة إلى نفس الأجزاء المتصورة المتآلفة على الوضع الهندسي الخاص، كما أن البقاء مستند إلى القوى الطبيعية التي توجد التماسك والارتباط بين الأجزاء على وجه يعاضد بعضها بعضا، فيبقى ما دامت القوى كذلك.
الثاني: إن الفاعل الإلهي غير الفاعل الطبيعي وتفسيرهما بمعنى واحد، ليس على صواب.
أما الأول، فهو مفيض الوجود وواهب الصور الجوهرية من كتم العدم، ومثله الأعلى هو الواجب ثم المجردات النورية من العقول والنفوس حتى نفس الإنسان بالنسبة إلى أفعاله في صقعها.
وأما الثاني، فهو المعد ومهيئ الشئ لإفاضة الصورة عليه، فالأب فاعل مادي وطبيعي يقوم بإلقاء النطفة في رحم الأم،
(٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 ... » »»