إن الشارع المقدس لا يخالف هذا التطور ولا يمنع من استخدام الأجهزة والأساليب الحديثة، إنما هو أمر بالتعليم والتعلم، وترك اتخاذ الأساليب إلى الظروف والمقتضيات.
ولو أصر على اتخاذ كيفية خاصة لفشل في هدفه المقدس ولفقد مبررات خلوده واستمراره، لأن الظروف ربما لا تناسب الأداة الخاصة التي يقترحها والكيفية الخاصة التي يحددها.
2 - لقد حث الإسلام على الإحسان إلى اليتامى والتحنن عليهم وحفظ أموالهم وتربيتهم، غير أن هذا الأمر الكلي له ألوان وأساليب مختلفة تجاري مقتضيات كل عصر ومصر وإمكانياتهما فاللازم علينا هو امتثال ما ندب إليه الشرع، وأما كيفيته فمتروكة إلى أهل كل عصر ومصر، ومن أصر على أن على الشارع تبيين خصوصيات الإحسان، فقد جهل بالإسلام ولم يعرف أساس كونه خاتما إذ لا يكون خاتما إلا إذا ذكر لب الإحسان إلى اليتامى وغيره، وترك الصور والأساليب إلى الناس ومقتضيات الزمان والمكان.
3 - إن الصحابة - حسب رواية السنة - قاموا بجمع آيات القرآن المتفرقة في مصحف واحد ولم يصف أحد منهم هذا العمل بكونه بدعة، وما هذا إلا لأن عملهم كان تطبيقا لقوله سبحانه: * (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) * (1).
فعملهم في الواقع كان تطبيقا عمليا لنصوص شرعية من الكتاب والسنة، وقد جرى المسلمون على ذلك المنوال في مجال الاهتمام بالقرآن من