ولا شك أن حب الإنسان لذاته من أبرز مصاديق الحب، وهو أمر بديهي لا يحتاج إلى البيان، وجبلي لا يخلو منه إنسان، ومن هذا المنطلق حب الإنسان لما يرتبط به أيضا، فهو كما يحب نفسه يحب كذلك كل ما يمت إليه بصلة، سواء كان اتصاله به جسمانيا كالأولاد والعشيرة، أو معنويا كالعقائد والأفكار والآراء والنظريات التي يتبناها، وربما يكون حبه للعقيدة أشد من حبه لأبيه وأمه، فيذب عن حياض العقيدة بنفسه ونفيسه، وتكون العقيدة أغلى عنده من كل شئ حتى نفسه التي بين جنبيه.
فإذا كان للعقيدة هذه المنزلة العظيمة يكون لمؤسسها ومغذيها، والدعاة إليها منزلة لا تقل عنها، إذ لولاهم لما قام للعقيدة عمود، ولا اخضر لها عود ولأجل ذلك كان الأنبياء والأولياء بل جميع الدعاة إلى الأمور المعنوية والروحية محترمين لدى جميع الأجيال من غير فرق بين نبي وآخر، ومصلح وآخر، فالإنسان يجد من صميم ذاته خضوعا تجاههم، وإقبالا عليهم.
ولهذا لم يكن عجيبا أن تحترم بل تعشق النفوس الطيبة طبقة الأنبياء والرسل منذ أن شرع الله الشرائع وابتعث الرسل، فترى أصحابها يقدمونهم على أنفسهم بقدر ما أوتوا من المعرفة والكمال.
حب النبي في الكتاب:
ولوجود هذه الأرضية في النفس الإنسانية والفطرة البشرية تضافرت الآيات والأحاديث على لزوم حب النبي وكل ما يرتبط به، وليست الآيات إلا إرشادا إلى ما توحيه إليه فطرته قال سبحانه: * (قل إن كان آباؤكم