في ظل أصول الإسلام - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٥٥
وحث عليهما في الشريعة وستتعرف على دلائل لزوم حبه كما ستتعرف على لزوم تكريمه وتوقيره.
وعلى ذلك فلو احتفل المسلمون منذ قرون ولا يعلم مبدأ تلك الاحتفالات إلا الله سبحانه، فإنهم لم يريدوا بفعلهم ذلك أن يدخلوا في الدين ما ليس منه بل أرادوا أن يعبروا عن حبهم ووفائهم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ويجسدوا توقيرهم وتكرمهم له.
وبذلك تقف على قيمة قول الكاتب المعاصر محمد حامد الفقي حين يقول في تعاليقه على فتح المجيد: الذكريات التي ملأت البلاد باسم الأولياء هي نوع من العبادة لهم وتعظيمهم (1) وكيف أنه قد تجافى عن الحقيقة في قولته هذه.
فقد عرفت أن الوارد في الأدلة هو الأصول، وأما الصور والأشكال فموكولة إلى الأزمنة واختلاف الحضارات والأعراف، وهو أمر جار في مسألة الاحتفال بمواليد الأنبياء والأئمة الكرام، فإن الكتاب والسنة حث على أصل الحب والمودة لهم وترك بيان نوعية التعبير عن هذه المودة والحب، ليقوم كل بإظهار هذا الحب والود، والقيام بهذا التوقير والتعزير بطريقته المتبعة ما لم يكن العمل الذي يقوم في هذا المضمار حراما بذاته أو مقرونا بأمر حرام.
والعجب أن نسمع بعض الإذاعات - رغم وضوح هذا الأصل - وهي تنقل أحاديث بعض العلماء وهم يهاجمون الاحتفال بمولد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم

(1) فتح المجيد: 154. والكاتب المذكور وهابي النزعة.
(٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 ... » »»