في ظل أصول الإسلام - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٤٩
المسلمون منذ قرون بالبدعة يصرح في موضع آخر بأن الأصل في العادات هو الحلية إلا ما حظره الله قال: " فالأصل في العبادات لا يشرع منها إلا ما شرعه الله، والأصل في العادات لا يحظر منها إلا ما حظره الله " (1).
وبهذا يعلم أن تضييق الأمر في العادات والتقاليد التي لم يرد فيها حظر من الشرع لا يصدر إلا من الجاهل بأن الشريعة الإسلامية سمحة سهلة (2) لم تتدخل في عادات الناس وتقاليدهم بل تركتها إلى أنفسهم حتى يختار كل قوم ما يناسب بيئتهم وظروفهم، وهذا هو الأساس لكون الإسلام خاتم الشرائع، وكتابه خاتم الكتب، ونبيه خاتم الأنبياء ولو كان محددا للتقاليد والآداب، والمراسم والمواسم لوقع التضاد بينه وبين حياة الشعوب وحضارتها المتكاملة مع مضي الزمان.
إن هذا الأسلوب هو الذي يضمن مرونة الإسلام، ويجعله قادرا على أن يتمشى مع العصور والحضارات.
إن الإسلام بين الأطر العامة، ولم يتدخل في تقاليد المجتمعات وآدابهم العرفية بل خلاهم وإياها إذا كانت أمرا مباحا حلالا بالذات.
نعم الأمر المحرم لا يتغير حكمه، وإن أطلق عليه أنه من تقاليدهم وآدابهم، فلا يحل محرم بحجة أنه من الأعراف الاجتماعية.

(١) المجموع من فتاوى ابن تيمية ٤: ١٩٦.
(٢) صحيح البخاري ج ١، كتاب الإيمان باب " الدين يسر ": 12. روى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: " أحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة ".
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»