الخاص فالسفر وسيلة القربة، والوسائل معتبرة بالمقاصد فيجوز قطعا.
الرابع: ما نقله المؤرخون عن بعض الصحابة والتابعين في هذا المجال.
قال ابن عساكر في ترجمة بلال: إن بلالا رأى في منامه رسول الله وهو يقول له:
ما هذه يا بلال، أما آن لك أن تزورني يا بلال؟ فانتبه حزينا، وجلا خائفا، فركب راحلته وقصد المدينة فأتى قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فجعل يبكى عنده ويمرغ وجهه عليه، فأقبل الحسن والحسين - رضي الله عنهما - فجعل يضمهما ويقبلهما فقالا له: نشتهي نسمع أذانك الذي كنت تؤذن به لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ففعل، فعلا سطح المسجد، فوقف موقفه الذي كان يقف فيه، فلما أن قال: " الله أكبر - الله أكبر " ارتجت المدينة، فلما أن قال: " أشهد أن لا إله إلا الله " ازدادت رجتها، فلما أن قال: " أشهد أن محمدا رسول الله " خرجت العواتق من خدورهن فقالوا: أبعث رسول الله. فما رئي يوما أكثر باكيا بالمدينة بعد رسول الله من ذلك اليوم (1).
إن عمر بن عبد العزيز كان يبعث بالرسول قاصدا من الشام إلى المدينة ليقرئ النبي السلام ثم يرجع.
قال السبكي: إن سفر بلال في زمن صدر الصحابة ورسول عمر بن عبد العزيز في زمن صدر التابعين من الشام إلى المدينة، لم يكن إلا للزيارة والسلام على النبي ولم يكن الباعث على السفر ذلك من أمر الدنيا ولا من أمر الدين ولا من قصد المسجد ولا من غيره (2).